2014.. الأقسى والأصعب على أوكرانيا منذ الاستقلال

2014.. الأقسى والأصعب على أوكرانيا منذ الاستقلال
دبابة أوكرانية قرب الحدود الروسية
نسخة للطباعة2014.12.28

محمد صفوان جولاقرئيس التحرير

حملت سنة 2014 في جعبتها كثيرا من الأحداث لأوكرانيا، وأدخلتها في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية هي الأصعب التي تواجهها منذ الاستقلال، كما يصفها الساسة والعامة.

بداية العام كانت استمرارا لاحتجاجات الموالين للغرب في كييف وغيرها من المدن، قوبلت في 18 شباط/فبراير بعنف أدى إلى مقتل أكثر من 100 محتج في العاصمة، وأدت إلى هروب الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا.

لكن سرعان ما تلاشت سعادة المحتجين بقيام احتجاجات في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب البلاد، تطالب بالانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا، الأمر الذي تم فعلا أواسط شهر آذار/مارس، بعد استفتاء مثير للجدل لم تعترف به معظم دول العالم.

ثم أراد الانفصاليون الموالون لروسيا تكرير سيناريو القرم في شرق البلاد وجنوبها، فعمت مظاهراتهم تلك المدن، وسيطروا على عدة مدن وقواعد عسكرية، فخرجت الأمور عن سيطرة سلطات كييف الجديدة.

ولأول مرة منذ الاستقلال، دخلت أوكرانيا في حرب مع الانفصاليين، بعد أن أطلقت عملية عسكرية وأمنية واسعة "لمكافحة الإرهاب"، وخاصة في منطقتي دونيتسك ولوهانسك.

لكن هذه العملية لم تمنع الانفصاليين من تنظيم استفتاء على الانفصال في 11 أيار/مايو، ليعلنوا بعده استقلال "جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين" عن أوكرانيا.

انتخابات

ويرى مراقبون أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كانت من أهم الأحداث الأوكرانية في العام 2014، إذا أدت إلى منعطفات كبيرة غير مسار الأحداث، وأدت إلى دخول أوكرانيا في مرحلة تاريخية جديدة، هي فيها دول معادية -ولأول مرة – للجارة روسيا.

تحدثنا إلى يوليا تيشينكو، وهي خبيرة في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية المستقل بالعاصمة كييف، فقالت: "انتخاب الرئيس بيترو بوروشينكو في 27 آيار/مايو أعطى شرعية للسلطات التي كانت بنظر شريحة واسعة من الشعب وقادة الجيش غير شرعية".

وأوضحت بالقول إن "حدة المعارك زادت بعد الانتخابات، وسرعان ما تمكنت أوكرانيا من استعادة عدة مدن سيطر عليها الانفصاليون، كمدينة سلافيانسك التي كانت بؤرة أساسية لهم".

واعتبرت تيشينكو أن الانتخابات البرلمانية التي شهدتها أوكرانيا في 26 تشرين الأول/أكتوبر كانت "تاريخية"، لأنها أطاحت بقوى وأحزاب موالية لروسيا كالحزب الشيوعي، وحقق فيها الموالون للغرب نصرا كاسحا.

ودللت تيشينكو على رأيها بالقول إن أوكرانيا بعد الانتخابات البرلمانية أصبحت موالية للغرب من رأس هرمها إلى أسفله، وهذا لم يحدث أبدا منذ الاستقلال عام 1991، وحتى بعد الثورة البرتقالية الموالية للغرب 2004.

وفيما يتعلق بالانتخابات التشريعية التي أجراها الانفصاليون بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر، قالت تيشينكو: "هي انتخابات أبرزت حقيقة أن روسيا تقف خلف الانفصاليين وتدعمهم، لأنها الوحيدة التي دعمت تنظيمها ودعت إلى احترام نتائجها".

وأضافت: "كانت انتخابات شكلية رمزية، لم تأت بأي جديد ملموس على الأرض، ولكنها أدت إلى زيادة ضغوطات الغرب على روسيا".

أحزان وكوارث

نجاح إجراء الانتخابات لم يشفع لدى سنة 2014 كي لا تكون سنة ألم وحزن بامتياز في أوكرانيا، وخاصة بالنسبة لآلاف الأسر في جنوب شرق البلاد، إضافة إلى حزن آخر سببته الأزمة الأوكرانية للكثيرين في غيرها من الدول.

إسقاط لطائرة ركاب ماليزية فوق منطقة دونيتسك المتوترة في 17 تموز/يوليز، كان أبرز الكوارث التي سببتها الأزمة، إذ أدى إلى مقتل 298 شخصا من المدنيين الأبرياء كانوا على متنها، ولا يزال لغزا ومحل اتهامات بين كييف والانفصاليين.

لكن الشهور التسع الماضية كانت بحد ذاتها كارثة بالنسبة لملايين الأوكرانيين، إذ أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 4 آلاف شخص وإصابة أكثر من 9 آلاف في منطقتي دونيتسك ولوهانسك المتوترتين، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 435 آلف شخص إلى مناطق أوكرانية (أو روسية) بحثا عن الأمن.

اقتصاد يترنح

ويأن باقي الأوكرانيون من اقتصاد زاد ترنحا خلال سنة 2014، فالأزمة أدت إلى تراجع أسعار صرف العملة المحلية "الهريفنة" بواقع تجاوز 100%، ما أدى إلى توقف الكثير من الشركات، وإعلان إفلاس عدد من البنوك.

حول ما أصاب الاقتصاد الأوكراني خلال العان، تحدثنا إلى إيغور بوراكوفسكي عميد معهد الدراسات الاقتصادية في كييف، فقال: "الحرب استهلكت اقتصاد البلاد، وأدت إلى تراجع الاستثمار بنسب وصلت إلى 100% في بعض المناطق والقطاعات، خاصة بعد تراجع الهريفنة أمام العملات المحلية دون ثبات".

وأضاف: "جيوب الأوكرانيين لا تقوى على تحمل أعباء اقتصادية أكبر من تلك التي حملتها سنة 2014، لأنها أصعب حتى مما كانت عليه في ظل الأزمة المالية العالمية قبل أعوام، وهناك خشية حقيقية من انهيار مفاجئ للاقتصاد، يكرر خسارة الأوكرانيين لأموالهم، كما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفيتي".

ألم وأمل

لا تختلف نظرات وتقييمات الساسة والمحللين للأحداث في العام 2014 كثيرا، فهي تقر بسلبية الأحداث، لكن بعضها تدعو إلى التفاؤل بما ستحمله الأعوام المقبلة.

تاراس بيريزوفيتس محلل سياسي وخبير في مجال العلاقات الدولية، قال: "مع نهاية 2014 نقف أمام واقع فيه نحو 15 من أراضينا محتلة أو متوترة، و20% من اقتصادنا مشلول، والجزء الباقي يعيش على حقن الدعم الخارجي المتردد. البنوك تعلن الإفلاس وتغلق الأبواب، والدولة ملزمة بمواجهة تحديات الحرب والنزوح والبطالة".

وأضاف: "لم يتخيل أحد أن تصل البلاد إلى ما هي عليه من ضعف في مواجهة تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية جمة، وأعتقد أن هذه الصعوبات مستمرة مادامت روسيا هي المسبب الأساسي، الذي لن يرفع يده عن أوكرانيا مادام غير راض عنها، وأخشى أن تنتقل البلاد من ولاية وضغوطات وتحكم روسيا، إلى ولاية وضغوطات وتحكم الغرب"، على حد قوله.

لكن النائب السابق لرئيس البرلمان رسلان كوشولينسكي قال: "أوكرانيا تولد من جديد، وولادة الدول الحرة لاشك صعبة وعسيرة. أنظر بحزن إلى ما حمله 2014 من آلام لوحدة وسيادة وشعب أوكرانيا، لكني آمل أن يكون مقدمة لمرحلة جديدة تبنيها أوكرانيا بهمة أبنائها، لا بإرادة الغير".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - الجزيرة

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022