محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير - خاركيف
بعد انفصال القرم وضمه إلى الأراضي الروسية، تولي سلطات أوكرانيا اهتماما كبيرا بمنع تكرار هذا الأمر في شرق البلاد، فتستعد عسكريا تحسبا لنوايا اجتياحه من قبل روسيا، وتسارع الخطى لتغيير المسؤولين بآخرين أكثر ولاء في أقاليمه ومدنه.
لا يقتصر هذا الاهتمام على إرادة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الأوكرانية فحسب كما يرى خبراء، بل أيضا على واقع أن تلك المدن تشكل محرك الاقتصاد الأوكراني ومقوماته، وأن اقتصاد كييف ومدن الغرب يعتمد اعتمادا كبيرا على إمكانيات الشرق، لا تقل نسبته عن 70%.
أوليكساندر سوشكو أستاذ الاقتصاد في جامعة العلوم التقنية بمدينة خاركيف الشرقية، قال إن النزعة القومية الانفصالية في غرب أوكرانيا دفعت الاتحاد السوفيتي السابق إلى التركيز على وجود صناعاته الكبرى في مدن الشرق الأكثر ولاء، التي لا وجود لها في غرب البلاد، حيث الزراعة والسياحة هي الموارد الرئيسية.
وكمثال، قال سوشكو إن صناعات الطائرات والدبابات والجرارات والمحركات التوربينية موجودة في خاركيف، التي كانت واحدة من أبرز المدن الصناعية في ظل الاتحاد، وثروة الفحم الحجري موجودة في مناجم مدينتي دونيتسك ولوهانسك بإقليم الدونباس، وصناعات السيارات موجودة في زوبوريجيا في الجنوب الشرقي.
وأضاف أن هذا الواقع الاقتصادي، وانتشار أبرز الجامعات والمعاهد في مدن الشرق، جعلها الأكثر شهرة وقدرة وكثافة سكانية، مشيرا إلى أن شريحة واسعة من السكان الشرق تنحدر من أصول روسية، على غرار القرم.
مناطق فاصلة
انفصال هذه الأقاليم والمدن أو احتلالها يعني بالضرورة انهيارا كارثيا للاقتصاد الأوكراني كما يرى سوشكو، لكن آخرين يعتبرون أن لموسكو أهدافا جغرافية أبعد من ضرب الاقتصاد الأوكراني في مقتل.
سيرهي نيميريتش الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة مرآة الأسبوع "زيركالا نيديلي" قال إن روسيا تنفذ خطة استراتيجية لتعزيز أمن حدودها مع أوكرانيا التي تندفع نحو الغرب، وقد تدخل قريبا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، واستراتيجيتها مبنية على كسب مناطق موالية أو رمادية.
وأوضح أن الخطة الروسية بدأت بضم القرم، وتسعى لتكرار السيناريو في شرق البلاد، من خلال ضمها أيضا استنادا إلى نفس الذرائع التي استخدمتها في القرم (حماية الرعايا وإرادة الانفصال)، أو إثارة الفوضى فيها، أو جعلها مناطق ذات حكم مستقل لا تلتزم بجميع ما يصدر عن كييف.
وأضاف: "روسيا تريد أن تكون مدن الشرق والجنوب تحت سيطرتها المباشرة أو غير المباشرة، وبهذا تضمن عدم اقتراب الناتو كثيرا من حدودها، بل تقترب هي من حدود الغرب، وتخنق اقتصاد أوكرانيا بالاستحواذ عليه أو شل معظم موارده وإمكانياته.
وفي إطار هذا الخنق، أشار نيميريتش إلى أن نوايا السيطرة الروسية تشمل أيضا مدينة أوديسا على البحر الأسود التي شهدت حراكا انفصاليا خفت حدته، ما يعني أن أوكرانيا ستكون دولة ضعيفة الإمكانيات، وليس لديها أي منفذ على البحر الأسود.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022