الاعلام الأمريكي "الحر" على خطى بروباغاندا روسيا والأنظمة الدكتاتورية في مواجهة مظاهرات الجامعات

نسخة للطباعة2024.05.06
عبد الرحمن الشامي

مذيعة قناة السي ان ان دانا باش تفتتح تقريرها عن المظاهرات في الجامعة الامريكية بهذه الكلمات الثلاثة: دمار, عنف, وكره ولتزيد الطين بلة وعلى طريقة تقارير روسيا اليوم عن أوكرانيا نسبت المذيعة احداث العنف الذي حصل في جامعة لوس انجلس الى كلا الطرفين مع ان اغلب الاخبار تحدثت عن اجتياح مؤيدي إسرائيل العنيف لاعتصامات مضادة للإبادة الجماعية التي تحصل في غزة
الغريب والملفت للنظر هو ان قنوات مثل سي ان ان وام اس ان بي سي من جهة وفوكس من جهة أخرى نادراً ما تتفق! لكن واقع الحال اليوم ان اغلب الاعلام الأمريكي المعروف سواء المحسوب على الديمقراطيين او الجمهوريين حريص كل الحرص على تشويه صورة الحراك الداعم لفلسطين
الغريب والمضحك في نفس الوقت ان بعض القنوات التي لطالما كانت تنشر نظرية المؤامرة خرجت بنظرية جديدة وهي ان جورج سوروس احد ممولي الحراك الجامعي المناهض للإبادة الجماعية, وعلى الرغم من ان هذه النظرية ليست الخط العام لكنها مهمة لفهم مدى تشابه المدرسة الروسية في محاولة تشويه أي حراك داعم للديمقراطية سواء في روسيا نفسها او من قبلها في أوكرانيا وجورجيا وأرمينيا بل حتى مواجهة تلك القنوات للربيع العربي جنباً الى جنب مع قنوات محسوبة على أنظمة عربية دكتاتورية وطبعاً ايران, اسم جورج سوروس نفسه تردد في الحديث عن ثورة الميدان في أوكرانيا او ما تسميه روسيا "انقلابا" لتبرر غزوها لأوكرانيا, كذلك ظهر في الحديث عن ثورات أخرى في مناطق أخرى من العالم

بشكل عام ظهرت وسائل الاعلام الامريكية بمظهر المهاجم الشرس لتلك المظاهرات, فهي لم تكتفي بشيطنة المتظاهرين بل انتقلت لمرحلة شيطنة الرسالة نفسها التي يحملها المتظاهرين وشيطنة رموزها! فالعلم الفلسطيني الذي هو رمز للدولة الفلسطينية والكوفية الفلسطينية التي هي رمز تاريخي ليس فقط لنضال الشعب الفلسطيني في سبيل الحرية بل للشعب الفلسطيني نفسه ولحضارته يتم مهاجمتهم بشكل عنصري مسعور, شعارات المظاهرات التي تتحدث عن تحرير فلسطين أصبحت تهاجم بنفس الطريقة التي تم فيها الهجوم على شعارات الربيع العربي وشيطنتها ونفس تعامل روسيا مثلا مع شعار "سلافا أوكرايينا" والذي يعني المجد لأوكرانيا على اعتبار انك ان تمنيت المجد لأوكرانيا فانت "فاشي"! تماما كما نرى اليوم انك ان تمنيت ان تكون فلسطين حرة فانت "متطرف"

التشابه الاخر هو البحث عن طرف مظلوم ومتضرر من المظاهرات لمحاولة اظهار قمع المظاهرات على انه حماية للأقليات! فالأعلام الأمريكي يركز على تضرر اليهود نفسيا من هذه المظاهرات! والغريب ان هذا الاعلام لا يتحدث ابدا عن اليهود المشاركين في المظاهرات والذين تعرضوا للقمع والضرب والسحل أحيانا من قبل الشرطة! هؤلاء لا بواكي لهم, تماما كما كان اعلام بشار الأسد وايران وروسيا يتباكى على خوف المسيحين من الثورة السورية في نفس الوقت الذي كان يتجاهل المسيحين الذين تم قتلهم بشكل مباشر من قبل نظام بشار الأسد الدكتاتوري, نفس الامر تكرر في المثال الاوكراني عندما يركز الاعلام الروسي على سكان الدونباس الذين يتحدثون باللغة الروسية و معاناتهم مع ان سبب المعاناة المباشر هو الهجوم الروسي على الدونباس أولا وثانيا هناك عدد كبير من المتطوعين من الدونباس نفسها ضمن الكتائب التي تحارب العدوان الروسي  

الخلاصة
سواء اعلام أمريكا اليوم او اعلام روسيا او ايران او الأنظمة العربية الدكتاتورية كلها يستخدم وسائل قمعية لتخويف الناس من حرية التفكير, فيها قواسم مشتركة لا يمكن تجاهلها, تحمل ريح عنصرية تركز على "معاناة" طرف معين في المجتمع وتتجاهل جرائم كاملة بحق فئات أخرى غير مرغوب بسماع صوتها, لا يكتفي الاعلام هنا بمجرد تبرير القمع بل يحاول وبكل السبل شيطنة المتظاهرين انفسهم والتشكيك في نياتهم وشيطنة رموزهم وشعاراتهم للتأكد التام من عدم وجود ساحة للرأي الاخر المراد ازاحته بشكل كامل
مع اننا لو عدنا موضوعيا لكل حالة من الحالات التي تمت شيطنتها, لم يخرب الربيع العربي الدول بل خربتها الأنظمة القمعية! من أوائل دول الربيع العربي المغرب, ملك المغرب على سبيل المثال قام بإصلاحات مباشرة كرد على الحراك! لم يجعل هذا من المغرب دولة اسوء! على العكس هي من انجح الدول العربية, تونس التي هرب زعيمها حالها احسن بكثير من حال سوريا او ليبيا او اليمن التي رفضت الأنظمة الدكتاتورية فيها ان ترحل! حتى في هذه الحالة فان حال ليبيا التي رحل معمرها قصريا افضل بكثير من حال سوريا التي لم يرحل اسدها قصريا و "انتصر"
في أوكرانيا لم يحصل أي انقلاب! الرئيس الاوكراني هرب, لا يمكن باي شكل من الاشكال تحميل هربه على المظاهرات التي هي حق دستوري في أوكرانيا والتي قامت وتقوم على كل رئيس منذ استقلال أوكرانيا بما فيهم الرئيس الحالي! لم يهرب احد الا يانكوفيتش!
وكذا الحال في أمريكا! سبب الفوضى هو تدخل الشرطة وعنف الطرف الاخر وهو ما تم توثيقه بشكل واضح جلي.
الأهم من ذلك كله ان الشباب اليوم في الجامعات الامريكية والشباب الاوكراني في ميدان الاستقلال عام 2014 والشباب العربي في مظاهرات الربيع العربي هم حرفيا صمام الأمان للحفاظ على حرية الرأي سقوطهم ونجاح شيطنتهم لا يعني فقط ضربة للقضايا التي يدافعون عنها بل هو حرفيا هجوم على أي رأي مختلف وتأكيد على ان حرية التعبير والتفكير في خطر

المصادر

https://twitter.com/DanaBashCNN/status/1785725450527842512
https://www.foxnews.com/media/politico-mocked-surprised-funding-anti-israel-protests
https://ukrpress.net/node/18013

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022