رغم أن هناك انقساما بين أميركا وأوروبا بشأن تقييم نوايا بوتين، فإنهما تتفقان على أنه يطمح لما هو أسوأ من الحرب.
الأوروبي,ن والأوكراني,ن يتشككون في حدوث غزو روسي كبير لأوكرانيا؛ ليس لأنهم يعتقدون أن بوتين أكثر اعتدالا، بل لأنهم يرون أنه أكثر خبثا.
كما يعتقدون أن الحرب ليست لعبة الكرملي؛ فبدلا من الحرب، يعتقدون أن بوتين سينفذ مجموعة واسعة من التكتيكات المصممة لزعزعة استقرار الغرب.
وبالنسبة لأوروبا أيضا، قد يتضح أن خطر التهديد بالحرب سيكون أكثر تدميرا من الحرب نفسها.
تغيير البنية الأمنية الأوروبية
الغرب يعتقد أن الكرملين يريد انفصالا رمزيا عن التسعينيات، ودفن نظام ما بعد الحرب الباردة، وقد يتخذ ذلك شكل بنية أمنية أوروبية جديدة تعترف بمجال نفوذ روسيا في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي وترفض عالمية القيم الغربية.
وبدلا من استعادة الاتحاد السوفياتي، فإن الهدف هو استعادة ما يعتبره بوتين "روسيا التاريخية".
والخلاف بين أميركا وأوروبا حول الوضع في أوكرانيا يتلخص في أن واشنطن تعتقد أن الغزو الروسي هو "احتمال واضح"، عكس أوروبا التي تعتقد أنه ليس كذلك.
الحرب الشاملة والغزو الأجنبي بشكل عام لا يمكن تصورهما من قبل الأوروبيين؛ لأن عقود السلام العديدة في أوروبا الغربية، إلى جانب اعتماد القارة العميق على النفط والغاز الروسيين، تدفع المسؤولين إلى افتراض أن التحركات الروسية العدوانية يجب أن تكون خدعة.
تصريح "مذهل"
تصريح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي -الذي قلل فيه من أهمية التهديد الفوري بالحرب، وقال فيه إن الوضع "غامض"، هو تصريح "مذهل" بالنسبة لدولة يهددها 130 ألف جندي روسي على حدودها.
هناك اتفاق عام على جانبي المحيط الأطلسي، على أن الكرملين لن يبقى ساكنا؛ فروسيا، ببساطة، لن تتراجع.
ولكن بينما يميل الأميركيون إلى الاعتقاد بأن بوتين يحتاج إلى حرب ساخنة في أوكرانيا لتحقيق طموحاته الكبرى، يعتقد الأوروبيون والأوكرانيون أن الاستراتيجية المفترضة ستكون هجينا تنطوي على الوجود العسكري على الحدود، وتسليح تدفقات الطاقة والهجمات الإلكترونية.
الغزو سينقذ النظام الأوروبي
لتوغل الروسي في أوكرانيا سينقذ النظام الأوروبي الحالي؛ إذ لن يكون أمام حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) خيار سوى الرد بحزم، وفرض عقوبات صارمة والعمل في وحدة حاسمة.
أما من خلال تمديد الصراع، فيمكن لبوتين أن يربك خصومه؛ إذ إن سياسة الضغط الأقصى -باستثناء الغزو- قد تؤدي في النهاية إلى تقسيم الناتو وشل حركته.
ألمانيا، على سبيل المثال، كانت قبل الأزمة أقرب حليف لأميركا في أوروبا، وتفاخر بعلاقة خاصة مع موسكو، وكانت الشريك الأكثر أهمية لأوروبا الشرقية والوسطى.
واليوم، يشكك البعض في واشنطن في استعداد ألمانيا لمواجهة روسيا، وعلاقة برلين مع موسكو تتدهور بسرعة، وإحجام ألمانيا الواضح عن تقديم الدعم للأوروبيين الشرقيين يثير غضبهم.
هذه الصعوبات التي تواجه ألمانيا هي تلميح لما يمكن أن يحدث إذا استمر بوتين في سياسة حافة الهاوية، من دون تقديم اليقين بشأن غزو فعلي.
الأوروبيون محقون في الاعتقاد بأن غزو روسيا لأوكرانيا ليس حتميا، وربما يكونون محقين في أنه ليس السيناريو الأكثر احتمالية.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
صحيفة "نيويورك تايمز" - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022