قصة الجيش العثماني على الأراضي الأوكرانية

الجنود العثمانيون في غابات غرب أوكرانيا
نسخة للطباعة2021.11.01

د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة

بدأت محاولات إقامة علاقات تعاون بين الجانبين التركي والأوكراني فور إعلان الحرب العالمية الأولى، ففي خريف عام 1914م وصل إلى إسطنبول ممثلان مفوضان من المجلس الأوكراني الوطني "الرادا"، واتحاد تحرير أوكرانيا، والتقيا بوزير الحربية التركية أنور باشا (1881-1922م) ومسؤولين أتراك آخرين. 

وفي 2 نوفمبر 1914م، دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى، إلى جانب ألمانيا والنمسا والمجر.

وفي 24 نوفمبر من عام 1914م أعلن وزير الداخلية التركي طلعت باشا (1874- 1921م) بيانا جاء فيه عزم تركيا على دعم الدولة الأوكرانية المستقلة في المستقبل، وبذلك كانت تركيا أول دولة رحبت بظهور أوكرانيا المستقلة.

شارك الجيش العثماني نهاية صيف عام 1916م في القتال ضمن قوات الجبهة الشرقية في الحرب العالمية الأولى، إذ شارك أربعون ألف جندي مسلم من أتراك، وعرب، وكرد، وغيرهم في الدفاع عن الأراضي الأوكرانية.

فقد عرض أنور باشا مساعدة الألمان والنمساويين للقتال إلى جانبهم ضمن قوات دول المحور في حربهم ضد روسيا، فتمّ إرسال الفيلق الخامس عشر من الجيش التركي مع أسلحتهم وعتادهم إلى جانب القوات الألمانية للتمركز في منطقتي غاليسيا وفولينيا (وهي اليوم ضمن مقاطعات: فالين وتيرنوبول وإيفانو فرانكيفسك ولفيف) إلى الغرب من أوكرانيا، وذلك بهدف صد هجوم قوات الإمبراطورية الروسية بين عامي 1916-1917م.

وأثبت العثمانيون أنهم محاربون شجعان أكفاء، حيث صمدوا وأسروا خلال هذه الحرب بين عامي 1916- 1917م، 12 ضابطا، و853 جنديا روسيا، ولكن في الجانب الآخر أيضا تكبدت القوات العثمانية خسائر  كبيرة بسبب الحرب والبرد، إذ قُتل وأصيب وفُقد من القوات العثمانية حوالي خمسة آلاف عسكري بين ضباط وجنود، وأسر أكثر من 600 جندي عثماني، وقد غادر آخر الوحدات التركية منطقة غاليسيا (في غرب أوكرانيا) في 22 أغسطس من عام 1917م.

وقد دفن الجنود والضباط الأتراك في عشرات المقابر -بينهم التركي والعربي والكردي وغيرهم- توزّعت على طول خط المواجهة في الأراضي الأوكرانية. 

وقامت السلطات السوفيتية بين عامي 1948-1949م بتدمير العديد من هذه المدافن. 

وبعد عام 2000م أعيد تأهيل وتصليح العديد من المقابر الإسلامية العثمانية بدعم من الحكومة التركية، ويوجد اليوم ستة مقابر في قرى مقاطعاتي تيرنوبول وإيفانو فرانكيفسك تحظى بالرعاية والاهتمام من السفارة التركية في كييف، وما تزال قبور المئات من المسلمين اليوم مفقودة ومنتشرة في قرى غرب أوكرانيا، شاهدة على تضحياتهم على هذه الأرض.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022