الشيخ عبد الحكيم أتا قاري.. مؤسس نظام "الحجرات" في زمن السوفييت

الشيخ عبد الحكيم أتا قاري في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" عام 1992م
نسخة للطباعة2021.01.18

د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة

الشيخ عبد الحكيم وصي المرغلاني (1905-2011م): مؤسس نظام المدارس الإسلامية الأهلية التي عرفت بـ"الحُجُرات" في أوزبكستان خلال فترة الحكم الشيوعي للمنطقة، ويوصف بأنه "شيخ مشايخ الصحوة الإسلامية"، والمعلم المرغلاني العظيم، وشيخ مشايخ أوزبكستان.

ولد الشيخ في مدينة مرغلان بولاية فرغانة (حسب الوثائق الشخصية عام 1897م، ولكن بحسب ابنه عبد السلام، فإن ولادته كانت كما ذكرنا عام 1905م)، ونشأ في أسرة إسلامية متدينة ثرية، إذ كان والده يملك مصنعا للقطن، وقد تلقى العلم الشرعي من جده.

تتلمذ على يدي الشيخ عبد الحكيم أتَا قاري (كما يطلق عليه باللغة الأوزبكية أي الأب القارئ) جيل كبير من الشباب والدعاة والعلماء من جميع مناطق أوزبكستان وبعض الدول المجاورة، وتعرض للقمع والاضطهاد من قبل الشيوعيين خلال مسيرته الدعوية الطويلة.

ويعد الشيخ عبد الحكيم أشهر من درّس أبناء المسلمين في العهد السوفييتي بشكل سري، إذ أسس عدداً من المدارس الإسلامية الأهلية السرية في بيوت وأقبية دور المسلمين بعيدا عن أعين السلطات الشيوعية لا سيما في منطقة وادي فرغانة، وأطلق عليها اسم الحُجُرات، وقد ظهر نظام "الحجرات" السري هذا في ستينيات القرن العشرين واستمر إلى سقوط الاتحاد السوفييتي.

وقد لقيت قبولا كبيرا من المسلمين، حيث يَلْزم طلبة العلوم الشرعية حجرة واحدة في مكان محدد كسرداب تحت الأرض في أفنية المنازل، ولا يخرجون منها إلا مرة واحدة في الشهر أو الشهرين وللضرورة فقط، لكي لا يكشفهم رجال السلطات السوفيتية، وكانوا يدرسون خلال إقامتهم خُفية في هذه الحجرات القرآن الكريم تلاوةً وتجويداً وحفظاً وتفسيراً، والحديث النبوي الشريف، واللغة العربية، والتجويد والعقيدة والفقه الإسلامي (على المذهب الحنفي)، وقد تخرج من هذه المحاضن مئات الحفّاظ للقرآن الكريم.

لعب الشيخ –رحمه الله- دورا كبيرا في حياة مسلمي أوزبكستان بين أعوام 1980 و1990م، وتعرض وأبناؤه وتلامذته للمضايقة والرقابة والإقامة الجبرية والسجن، كما صودرت مكتبته من جانب نظام الرئيس الأوزبكي السابق إسلام كريموف.

كان الشيخ عبد الحكيم حريصا على نشر العلم الشرعي بين الناس، وكان يواظب على صلاة الجماعة، ومحبوبا ومحترما بين الناس، وظل محتفظا بذاكرته حتى وفاته عن عمر 106عاما.

من تلامذة الشيخ عبد الحكيم أتا قاري: العلامة عبد الولي ميرزايف الأنديجاني (اختطف من مطار طشقند عام 1995م)، والشيخ العلامة رحمة الله أنديجاني (اغتيل عام 1981م)، والشيخ عبد الأحد قاري النمنكاني (مازال يقضي حكما بالسجن ل 16 سنة)،  والشيخ كمال الدين قاري (مازال مسجونا)، وحسين خان قاري (ما زال مسجونا)، والشيخ هاشم خان قاري (في المنفى)، والشيخ محمد رجب قاري القوقندي (سجن لسنوات)، والشيخ عابد قاري التوختاباني (اختطف عام 1995م)، والشيخ محمد خان السمرقندي (مسجون)، والشيخ محمد خان الهندستاني، وغيرهم.

أجرت قناة ال "بي بي سي" البريطانية مقابلة مع الشيخ عام 1992م، تحدث فيها عن رحلته في طلب العلم، وعن طريقة الدراسة في الحجرات السرية التي أسسها خلال الحقبة الشيوعية.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022