أزمة أوكرانيا الدستورية.. بين المأساة والمهزلة

نسخة للطباعة2020.12.03
يفهين ماهدا - مدير معهد "السياسة العالمية"

الأزمة الدستورية تذكر جدا بشكل ما بقصة الرفض المفاجئ، الذي صدر عن فيكتور يانوكوفيتش في نوفمبر 2013، للمسار نحو التكامل الأوروبي.

عدة تحذيرات جدية صدرت عن الشركاء في واشنطن وبروكسل، التي "نهت" عن تدمير أجهزة مكافحة الفساد.

ما الذي يحدث عموما، وما هي العواقب الناجمة عن إلغاء المحكمة الدستورية في 27 أكتوبر عددا من قوانين مكافحة الفساد، التي تعد جزءا من التزامات أوكرانيا بموجب اتفاقية الشراكة مع الاتحاد، ونهج دولتنا العام نحو الاندماج في الاتحاد الأوروبي.

فورا بعد صدور قرار المحكمة الدستورية هذا، اقترح رئيس الدولة مستعجلا على البرلمانيين، استبدال أعضاء المحكمة الدستورية بالكامل، ومن الواضح بشكل غير مشروع. 

وضع البرلمان الأوكراني مشروع القانون هذا جانبا حتى لا تضع الموافقة عليه الرئيس والبرلمانيين أنفسهم في موقف حرج. لكن مجمل هذا لم يمنع كبار المسؤولين من الإشادة بمبادرة الرئيس، قائلين: "سننقذ الإعفاء من التأشيرة على الفور، كون المحكمة الدستورية أيضا في حاجة إلى ذلك".

راح فولوديمير زيلينسكي، حتى في المقابلة الطارئة مع الفاينانشال تايمز (جهات كييف الرسمية لم تستخدم منذ فترة طويلة مثل قنوات الاتصال هذه مع الغرب)، فشدد الاهتمام مع الصحيفة، وفي خطاباته المتلفزة، على الأثر الروسي في قرار المحكمة الدستورية المثير للجدل. 

لا يستبعد أن يكون الأثر موجودا بالطبع. لكن لماذا هذا التعقيد للأمور؟ ما دام لديهم من المستفيدين أكثر مما يكفي!.

بعد شهر من قرار المحكمة الدستورية الرنان، عقد اجتماع المجلس الوطني لمكافحة الفساد، وقد حدد مدير مكتب الرئيس الاوكراني أندري يرماك على أثره ثلاثة مكونات للتغلب على الأزمة الدستورية. 

لم يكن من بينها حل المحكمة الدستورية طبعا، بل كان هناك طرح حول إعادة تفعيل عقوبة موظفي الدولة للإعلان الكاذب عن الدخل وإنعاش صلاحيات الوكالة الوطنية لمسائل تحاشي الفساد وإعطاء فرصة ثانية للمكتب الوطني الأوكراني لمكافحة الفساد. 

قبل يومين من هذا الاجتماع، طلب زيلينسكي رسميا من أمينة لجنة فينيتسا "تقديم تفسير للوضع الدستوري"، الذي نشأ بعد صدور قرار المحكمة الدستورية الرنان، ويبقى جواب ابنة فينيتسا حتى الساعة لغزا.

لا يوجد لدى الاتحاد الأوروبي حتى الآن خط واضح لكيفية التحرك اللازم في ما يخص الأزمة الدستورية في أوكرانيا؛ لكنهم كانوا هناك مستعدين لدعم الحل العاجل للمشكلة بعد ظهورها مباشرة. 

في منتصف نوفمبر، شدد رئيس بعثة المفوضية الأوروبية إلى أوكرانيا ماتي ماسيكاس على ضرورة الاستماع إلى جميع أطراف النزاع. من الواضح طبعا، أن الحل ينبغي أن يكون في إطار التشريع الأوكراني. ورغم تأكيد دافيد أراخاميا رئيس كتلة "خادم الشعب" البرلمانية على أن سفراء دول مجموعة السبع يؤيدون إلغاء المحكمة الدستورية، لم يتأكد هذا المقترح الجريئ.

اكتفت السفارة الأمريكية في أوكرانيا بالتعبير عن "القلق العميق" وهي صيغة تقليدية تستخدمها في مثل هذه الحالات. ربما هذا ناتج عن الغياب الطويل للسفير الأمريكي عن أوكرانيا، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية في واشنطن. رغم ذلك، ستكون إدارة جو بايدن وفية لنهج الحزب الديمقراطي - الإصرار على ضرورة محاربة الفساد في أوكرانيا.

ماذا عن إلغاء نظام التأشيرة؟

لا يوجد اليوم أي تهديد مباشر بأن تخسره أوكرانيا، مهما حدث فينا يتعلق بمسألة الخروج من الأزمة الدستورية. 

أولا، لدى الاتحاد الأوروبي ما يكفي من المشاكل الخاصة، يكفيه "بريكست". 

ثانيا، تعتمد بروكسل مبدأ التروي "قس سبع مرات واقطع مرة واحدة". 

ثالثا، إن نظام الإعفاء من التأشيرة لا يعمل فعليا اليوم، بسبب جائحة الفيروس التاجي، أي أن الاتحاد الأوروبي لن يتسرع في اتخاذ القرارات.

لكن المشكلة في أمر آخر، حيث أنهم في شارع بانكوفا (شارع مبنى الرئاسة) لا يدركون أن المحاولات الاستبدادية الهادفة إلى إعادة برمجة المحكمة الدستورية لتناسب مصالحهم الخاصة لا يُنظر إليها الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة بشكل أفضل إطلاقا من الهجمات على البنية التحتية لمكافحة الفساد. 

نتيجة لإعادة البرمجة هذه، سنصبح أقل فهما وإثارة لاهتمام العالمين القديم والجديد، ما قد يؤدي إلى ظهور مشاكل خطيرة في الدعم المالي والسياسة الخارجية على حد سواء.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022