ولادة "منطقة التجارة الحرة +".. من لم يلحق بالركب تأخر...

نسخة للطباعة2020.11.24
أوليكسندر بولافين - خبير ومحلل سياسي

بدا أن جميع أخبار العالم تمر عبر المركز في واشنطن وتتوقف. ويبدو للغالبية العظمى من الناس أن الحياة الفعلية ستبدأ بعد 20 يناير، يوم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد. 

ولكن، هذا ما يراه أولئك الذين ما زالوا يظنون أن العالم يولد في الولايات المتحدة. لكن هذا صار بعيدا كل البعد عن الحياة الواقعية على هذا الكوكب.

"يسعدني أن أعلن أنه بعد ثماني سنوات من العمل الشاق، أنهينا اليوم رسميا المفاوضات حول "منطقة التجارة الحرة +" ونحن جاهزون للتوقيع". كان هذا تصريح رئيس وزراء فيتنام  نغوين شوان فوكو، الذي صدر كطلقة مدوية.

في 14 تشرين ثاني/نوفمبر، جرى حدث في هانوي يفوق من حيث تأثيره العالمي تأثير الانتخابات الرئاسة الأمريكية. إذ شهد هذا اليوم نهاية عملية طويلة (بدأت منذ عام 2012) لتنسيق المصالح الوطنية في مجال التجارة العالمية بين 15 دولة في الشرق. تستحوذ الدول التي وقعت على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاقليمية الشاملة على حوالي 30% من مجمل الاقتصاد العالمي.

وفقا لما أعلنته بي بي سي، لقد ولد "أكبر حلف تجاري في العالم". بعد التصديق الوشيك على هذه الوثيقة من قبل جميع الموقعين، ستظهر منطقة للتجارة الحرة مع ناتج محلي إجمالي يقدر بـ 28 تريليون دولار. 

وفقا لتوقعات الخبراء، سينمو إجمالي الناتج المحلي للدول المشاركة في عام 2020 ليصل إلى 100 تريليون دولار. 

الاتفاقية تلغي الرسوم التجارية على 92% من البضائع ونحو 65% من الرسوم المفروضة على قطاع الخدمات لجميع الدول المشاركة فيها. 

اكتسبت هذه الاتفاقية أهمية كبيرة ولقد جاءت في وقتها، حيث أن جميع دول العالم، بما فيها أطراف هذه الاتفاقية، تسعى حاليا للقضاء على آثار الجائحة العالمية في أسرع وقت ممكن.

يشير المراقبون البريطانيون خصوصا إلى انضمام أكبر الاقتصادات إلى  دول "آسيان"، وليس الصين وحدها، بل و"أصدقاء واشنطن القدامى"، أمثال اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا.

بينما الحديث دائر حول الاستراتيجية التي سيختارها الرئيس الأمريكي الجديد في العلاقات مع الصين، لن تعزز الأخيرة بواسطة هذه الاتفاقية فقط مكانتها حتى في اليابان وكوريا الجنوبية، اللتان تتعاونان بنشاط مع واشنطن، بل وستخفض أيضا اعتمادها على الأسواق الخارجية والتكنولوجيا الأجنبية.

وقع على هذه الاتفاقية الجديدة كمقابل للشراكة عبر المحيط الهادئ، الموقعة في عام 2016 تحت رعاية الولايات المتحدة. إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرر الانسحاب من اتفاقية التجارة هذه في عام 2017. ويرجح الآن ألا تتمكن الولايات المتحدة من الإفلات من العثرة.

تتميز الاتفاقية بتداعيات رمزية قوية، وتبيّن أنه بعد أربع سنوات تقريبا من إطلاق ترامب سياسته "أمريكا أولاً" عند إنجاز الصفقات التجارية مع الدول المتفرقة، تبقى آسيا ملتزمة بالجهود المتعددة الجنسيات من أجل تجارة حرة أكثر، والتي تعد صيغة للازدهار  المستقبلي.

قال رئيس وزراء الصين إن "التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاقليمية الشاملة، ليس إنجازا بارزا للتعاون الإقليمي في شرق آسيا فقط، بل هو أيضا انتصار للتعددية والتجارة الحرة". ولكن مع انضمام الهند إلى هذه الاتفاقية، ستزداد إمكانيات الحلف الجديد بشكل ملموس. 

بحسب بعض المصادر، أخذت القيادة الهندية استراحة لتدرس بتفصيل أكبر الشروط والإمكانيات بما فيها قضية المنافسة المؤلمة للبلاد. فوفقا لوكالة أسوشيتد برس، لم ترغب دلهي في تعريض مزارعيها ومصانعها للمزيد من المنافسة الأجنبية. 

من بين الأمور الأخرى، يثير قلق المزارعين الهنود المنافسة التي قد يشكلها منتجو الألبان والأجبان النيوزيلنديون والأستراليون؛ بينما يتوجس مصنعو السيارات من الواردات القادمة من جميع أنحاء المنطقة. ومع ذلك يبقى خوف دلهي الأكبر من إغراقها بالبضائع الصناعية الصينية.

ستظهر الأيام والأسابيع القليلة القادمة مدى سرعة وفعالية سريان هذه الاتفاقية وتأثيرها على الدول الآسيوية والعالم.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022