الحسم في كاراباخ وجولة "اللاعبَين الكبيرَين"

نسخة للطباعة2020.11.16
إيليا كوسا - خبير في "المعهد الأوكراني للمستقبل"

في ناغورني كاراباخ، حدث ما تحدث عنه الكثيرون، بمن فيهم أنا في نهاية أيلول/سبتمبر، حول المناورات السياسية لتركيا والاتحاد الروسي في الإقليم.

لم أتوقع آنذاك أن يشغل الجيش الأذربيجاني هذه المساحة الكبيرة من الأراضي في الجنوب (التي تبقى تحت سيطرته بموجب الاتفاقيات). ظننت حينها أن الصراع سوف يطول وأن إنجازات الجيش الأذربيجاني ستبدو متواضعة أكثر. تبين أن توقعاتي بهذا الخصوص خاطئة.

أما فيما تبقى:

1- لعبت روسيا وتركيا جولتهما، فقسمتا دائرة النفوذ وعززتا مواقعهما على حساب تغيير الوضع الراهن بالقوة، من خلال خلع "رصاصة تجميد الوضع" في كاراباخ، وحل الهياكل السياسية القديمة وتعديل أشكال المفاوضات.

2- دخلت تركيا جنوب القوقاز كأحد أصحاب المصلحة، واعترف الاتحاد الروسي بحقها هذا، بعد أن دعمت أذربيجان "بالمرتزقة" والأسلحة والتقنيات وعززت سيطرتها على باكو وربطتها بنفسها بموثوقية أكبر، من الناحية العسكرية خصوصا.

3- لم تسرع روسيا لمواجهة تركيا من أجل أرمينيا، ونتيجة لوهن يريفان إثر القتال في كاراباخ، طرحت الفكرة المعدة منذ أمد بعيد حول نشر قوات حفظ سلام روسية في كاراباخ على طول ممر لاتشين. كما وأعادت روسيا حرس الحدود التابعين لإدارة الأمن الفدرالي إلى حدود المناطق الغربية من أذربيجان وظهرت لديها، بالإضافة إلى ذلك، فرصة لإضعاف مكانة نيكولا باشينيان بشكل كبير أو حتى إرغامه على الاستقالة تحت الضغط السياسي، الذي سيزداد بالتأكيد بعد هذه الأخبار.

4- استعادت أذربيجان المناطق الحدودية، التي تعتبرها أراضيها. سيكون لدى علييف ما يبيعه في الداخل على أنه انتصار عسكري، حتى ولو كان على حساب جزء من السيادة. سوف يؤدي هذا على الأقل إلى تجاهل الانتقادات الموجهة إلى أسرة علييف بسبب الانكماش الاقتصادي والفساد في السنوات الأخيرة.

5- تحتفظ أرمينيا لنفسها بقلب ناغورني كاراباخ مع ستيباناكيرت + 5 كيلومترات من ممر لاتشين للتواصل مع أرمينيا، وستقوم أيضا ببناء شبكة نقل جديدة مع المنطقة على نفقتها الخاصة. يمكن لجميع اللاجئين العودة إلى كاراباخ تحت إشراف الأمم المتحدة.

عموما، أعتقد أن باشينيان سيُخلع، وسيكون كبش الفداء الرئيسي، وستزرع في المنطقة في المستقبل المنظور بذور صراع جديد. لم تنته هذه الحرب لا بالنسبة لباكو ولا بالنسبة ليريفان، هذا إذا ما حكمنا من خلال الحالات المزاجية السائدة والعمليات السياسية الجارية في  العاصمتين.

تبقى روسيا وتركيا المستفيدين الرئيسيين من هذه الحملة العسكرية. وكما كتبت سابقا، لقد نفذت هاتان الدولتان جولتهما بنجاح أكبر أو أقل من المتوقع، وهما تحاولان تنفيذها أيضا في ليبيا وقد نفذتها جزئيا في سوريا. ولكن هل سيطول الوضع على هذا النحو؟ لا أظن ذلك.

بالمناسبة، هذا ليس درسا جيدا أبدا بالنسبة لأوكرانيا. فلو أسقط هذا التصعيد على وضعنا (ومن يفعلون ذلك)، سأقول إننا هنا تحديدا سوف نلعب دور الجانب الضعيف، حيث يمكن إعادة تنفيذ مثل هذا السيناريو بكل سهولة من خلال الاتفاقيات غير الماكرة المرتبة وراء الكواليس.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022