لماذا خيب سعر تصريف الهريفنيا الأوكرانية بعض الآمال؟

نسخة للطباعة2020.10.30
أولكسندر أوكريمنكو – خبير اقتصادي

يحب الأوكرانيون الجدل والامتعاض من سعر صرف الهريفنيا. حتى أنهم يسبون إذا انخفضت قيمتها ويسبون إن حدث العكس. لذا يستحيل فهم ما يريدون أو ما إذا كانوا يريدون شيئا. 

وعد وتوقع بعض الخبراء، وليس هم وحدهم، انهيار سعر الهريفنيا قبيل الانتخابات، ويريدون الآن من جديد أن تنهار الهريفنيا، ولا يفهمون لما لم يحدث ذلك. ربما الانتخابات هي المذنبة فعلا؟. 

يشهد التاريخ الأوكراني عموما على بعض الحالات، عندما أدت الانتخابات إلى انخفاض سعر صرف الهريفنيا. لكن تلك الانتخابات لم تكن انتخابات محلية وإنما رئاسية وبرلمانية. 

عند انتخاب رئيس لأوكرانيا، يوجد خطر فعلي يتعلق بتغيير السلطة، فيحول جزء من قطاع الأعمال الأموال إلى الخارج، ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على العملات الصعبة.

سجلت خلال الانتخابات البرلمانية بعض هذه الحالات، عندما زيدت الرواتب بحدة، ما أثر أيضا على ارتفاع سعر الصرف. 

ولكن الانتخابات المحلية لا تؤثر عموما على سعر صرف الهريفنيا، فهي لا تؤدي إلى خلق حالة من الذعر في قطاع الأعمال مثل التي ترافق الانتخابات الرئاسية ولا تؤدي إلى رفع الرواتب، كما هو الحال بعد الانتخابات البرلمانية. 

لذا، لا تؤثر الانتخابات المحلية في أغلب الأحيان على سعر صرف الهريفنيا. أما اليوم فلقد بيّن سعر صرف الهريفنيا خلال شهر أكتوبر 2020 استقرارا يحسد عليه، حتى أنه أصاب المضاربين على سعر صرف العملات بالملل.

أذكّر أن الحكومة الأوكرانية قد سددت معظم الديون الخارجية التي توجب سدادها خلال هذا العام، والتي قاربت قيمتها 8 مليارات دولار. سدد بعضها في سبتمبر من هذا العام، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ إلى حد ما في قيمة العملة المحلية، أما الآن فلا توجد أي مدفوعات كبيرة. 

ستسدد مبالغ كبيرة في الأيام الأولى من العام المقبل، إذ ينبغي حتى نهاية العام الحالي سداد حوالي 300 مليون دولار فقط، وهذا مبلغ ضئيل للغاية مقارنة بالمبلغ المسدد خلال العام كله.

لذا، لا يبدي المصرف الوطني الأوكراني ولا وزارة المالية أي نشاط ملحوظ في سوق صرف العملات الأجنبية بين البنوك، ويكتفيان بالمراقبة غالبا.

يشتري المستوردون تقليديا في نهاية العام المزيد من العملات الصعبة، من أجل شراء البضائع لكي يتمكنوا من بيعها خلال التنزيلات السابقة للعام الجديد. 

غير أن الفيروس التاجي والحجر الصحي أحدثا في هذا العام تغييراتهما الخاصة، وأديا إلى معاناة بائعي السلع المستوردة من بعض المشاكل. 

الآن، يدور الحديث من جديد عن فرض حجر صحي جديد، وعن إلغاء احتفالات رأس السنة. بالنتيجة، لم يستعجل المستوردون شراء العملات الأجنبية من أجل شراء البضائع المستوردة، حتى لا تتكدس لديهم مع البضائع الأخرى حتى العام المقبل؛ فكان شراء العملات الأجنبية هذا العام أقل من العام الماضي، ولم يكن الفارق بين حجم العملات الأجنبية المطروحة من قبل المصدرين وحجم مشتريات المستوردين للعملات الأجنبية  كبيرا كما كان قبل عام. 

هكذا، قامت المصارف طوال شهر أكتوبر، دون أي عوائق ودون مساعدة المصرف الوطني الأوكراني، بسداد الفارق السلبي بين حجم مشتريات المستوردين للعملات الأجنبية وما طرحه  المصدرون. 

أمر ممل! لا توجد مساحة للمضاربين بالعملات. وما هي المضاربات الممكنة ما دام المصرف الوطني الأوكراني خرج من التدخلات في السوق بعد أن تمكن من بيع مليون دولار فقط، ولم يرغب أحد بشراء المزيد.

ماذا سيحدث لاحقا بعد الانتخابات. ستبقى الأمور كما كانت مع استقرار نسبي  في سعر الصرف واستمرار الحديث عن انهيار الهريفنيا. لكن لا توجد الآن أي عوامل مسببة لانهيار الهريفنيا، رغم أن وزارة المالية ستحتاج في نوفمبر إلى سداد الديون الخارجية الصغيرة. 

من المرجح أن تسعى عدد من الشركات الأوكرانية لشراء العملات الأجنبية من أجل سداد قروضها الخارجية. لكن أحجام كل هذه الديون ستكون أقل بكثير من مليار دولار. لذا، لا يمكن أن يكون هناك إلا زيادة طفيفة في سعر صرف الهريفنيا على مدى يومين، ترافق ارتفاع الطلب على العملات الصعبة.

في الوقت الحالي، لا توجد، لا عند المصدرين ولا المستوردين أية رغبة في تغيير سعر صرف الهريفنيا جذريا. 

نعم، قد لا يناسب هذا الطرفين، فهو ليس بالأمر المثالي إطلاقا. ستحدث تقلبات كبيرة إلى حد ما في سعر صرف الهريفنيا في بداية العام المقبل، في حين سيبقى الاستقرار النسبي حتى نهاية العام.

في الواقع، يشتري السكان حاليا العملات الصعبة أكثر مما يبيعون. لكن الفارق بين شراء العملات الأجنبية وبيعها يبقى صغيرا. اشترى السكان منذ بداية هذا العام 2.2 مليار دولار من النقد الأجنبي أكثر مما باعوا. 

ذروة الشراء كانت في ربيع هذا العام، عندما كانت هناك حالة هلع في سوق العملات، لكن الفترة اللاحقة شهدت على بيع متزايد للنقد الأجنبي. 

بالكاد يملك الأوكرانيون كمية فائضة من الهريفنيا لشراء العملات بنشاط، ومن المتوقع أن يبيع بعض الأوكرانيين مخزونهم من العملات للاحتفال بالعام الجديد. 

لكن من الصعب الآن تخمين مدى نشاط الأوكرانيين في إنفاق الأموال من أجل الترفيه في ظروف الحجر الصحي وفيروس كورونا.

الكاتب: "لا نتوقع انهيارا في سعر صرف الهريفنيا في نوفمبر 2020، أو ارتفاع حادا في سعرها، بل نتوقع حدوث تقلبات طفيفة، تتراوح بين 28.2 و 28.4 هريفنيا مقابل الدولار الواحد".

رغم ذلك، صار الأوكرانيون اليوم أكثر اقتصادا، ولن يسرعوا إلى بيع العملات الصعبة من أجل الترفيه.

لا نتوقع انهيارا في سعر صرف الهريفنيا في نوفمبر 2020، أو ارتفاع حادا في سعرها، بل نتوقع حدوث تقلبات طفيفة، تتراوح بين 28.2 و 28.4 هريفنيا مقابل الدولار الواحد. 

هذا هو النطاق غير الرسمي لسعر الصرف، وما حاجتنا إلى الأكثر؟! فتأرجح العملات لا يؤدي إلى أذية الجميع فقط.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022