كيف "دافع" الغرب عن حلفائه؟

نسخة للطباعة2020.09.21
يفهين فيلينداش - مدير المركز الأوكراني للتحليلات الاجتماعية

في 3 أيلول/سبتمبر 1939، وبعد يومين من غزو ألمانيا النازية لبولندا، أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا. منذ تلك اللحظة تحديدا اكتسبت الحرب العالمية الثانية رسميا طابعا عالميا. 

ما حدث في الأشهر الأولى من الحرب العالمية الثانية في أوروبا الغربية لم يسمَ عبثا بـ"الحرب الغريبة".

أعلن البريطانيون والفرنسيون، المرتبطون مع البولنديين بموجب معاهدات الحلف العسكري، الحرب على ألمانيا، لكنهم نسوا أن يبدؤوا القتال.

توجب على فرنسا، بموجب المعاهدة المبرمة مع بولندا، شن هجوم واسع النطاق بعد أسبوعين من بدء التعبئة العامة للجيش. بدأت التعبئة الأولية في فرنسا في 26 آب/أغسطس، وأعلنت التعبئة العامة في 1 أيلول/سبتمبر. ولكن، لا في 15 سبتمبر، ولا بعد ذلك، لم تشن القوات الفرنسية ولا القوات البريطانية، التي نقلت إلى فرنسا، أي هجوم واسع النطاق ضد ألمانيا.

السبب لم يكن إطلاقا تفوق قوات الفيرماخت المواجهة لها. حيث أن القسم الأعظم من قوات الفيرماخت كان مشغولا حينها بالقتال في بولندا. 

بحلول منتصف سبتمبر، كان هناك 43 فرقة ألمانية على الجبهة الغربية (معظمها من قوات الاحتياط، القليلة الاستعداد للقتال)، ولم تكن ولا واحدة منها مؤهلة أو مدعومة بالدبابات (كانت جميع الدبابات في بولندا)، بالإضافة إلى 1200 طائرة "لوفتفافه"، في حين ضمت قوات الجيش الفرنسي 78 فرقة و18 كتيبة دبابات منفصلة و3300 طائرة.

هذا يعني أن فرنسا وحدها كانت تتمتع وقتها بتفوق أكثر من مضاعف في القوات على الجبهة الغربية للفيرماخت، بالإضافة إلى إسناد القوات البريطانية التي نقلت إلى فرنسا.

لكن المحاولات الخجولة للقيام بهجوم بقوات صغيرة، التي بدأت في 7 سبتمبر، سرعان ما توقفت دون أن تصل حتى إلى خط سيغفريد (أو الجدار الغربي) - خط التحصينات الحدودية الألمانية (الذي لم يكتمل نهائيا في ذلك الوقت). وفي 12 سبتمبر، اتخذ المجلس العسكري الأعلى الأنغلو فرنسي قرار وقف أي عمليات هجومية على الفور.

في الوقت نفسه، أخبر الحلفاء الغربيين البولنديين، الذين طلبوا منهم المساعدة بإلحاح ، أن الهجوم الشامل على وشك البدء أو أنه قد بدأ بالفعل وأن نصف الجيش الفرنسي يخوض معارك بطولية واسعة النطاق بواسطة قواته الأساسية، ما أدى بالنتيجة، كما ادعوا، إلى أن الألمان دفعوا بـ6 فرق على الأقل من بولندا إلى الغرب (في الواقع، ولا واحدة).

كتب صحفي فرنسي كان على الجبهة في خريف عام 1939: "... فوجئت بالهدوء السائد هناك. المدفعيون المتمركزون على نهر الراين، نظروا بهدوء إلى القطارات الألمانية المحملة بالذخيرة التي تنقّلت على الضفة المقابلة، وحلق طيارونا فوق مداخن مصنع سار دون إلقاء أية قنبلة. من الواضح أن الهدف الأساسي لقيادتنا العليا كان عدم إزعاج العدو".

وإليكم ما قاله الجنرالات الألمان لاحقا (الجنرال هالدر):

"كان النجاح في بولندا ممكنا فقط بفضل عدم انشغال قواتنا تقريبا على حدودنا الغربية. لو أدرك الفرنسيون الوضع واستغلوا فرصة أن القوات الألمانية الرئيسية كانت موجودة في بولندا، لتمكنوا من عبور نهر الراين دون عوائق ولهددوا منطقة الرور، التي شكلت عاملا حاسما في إدارة الحرب بالنسبة لألمانيا".

(الجنرال كايتل): "نحن العسكريون انتظرنا طوال الوقت الهجوم الفرنسي خلال الحملة البولندية وفوجئنا بشدة بعدم حدوث شيء. لو هاجم الفرنسيون، لواجهوا حينها ستارة ضعيفة فقط، وليس دفاعا ألمانيا حقيقيا".

قصة أخرى من سلسلة القصص العبر حول أنه، أولا، من وكيف ساهم في انتصار حملة ألمانيا النازية التي عبرت أوروبا. ثانيا، حول كيفية "وفاء" الدول الغربية الرئيسية بالتزاماتها أمام حلفائها، حتى عندما يتعلق الأمر بالدول الطرفية وحتى الغربية منها (مثل بولندا). ناهيك عن تلك الدول المدعية أنها أوروبية، القافزة على رجليها الخلفيتين وتهز ذيلها بلطف، والتي يستخدمها الغرب بوضوح وعلنا من أجل مصالحه الخاصة.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022