ترامب وبوتين.. المناورات السياسية النووية و"الابتزاز"

نسخة للطباعة2020.09.04

أوليكسي كولومييتس - خبير في مجال العلاقات الدولية

دكتاتور الكرملين لم يخطئ في مثل هذه الحسابات الإستراتيجية منذ زمن بعيد. ففكرته الجنونية مؤخرا، بأن يعقد اجتماعا في الأمم المتحدة لمناقشة برامج إيران النووية، لا يمكن وصفها إلا باليائسة. 

كان رد ترامب قاسيا حقا، لكنه دقيق تماما. لم يخض ترامب في أي تفاصيل حول جهود نظام الملالي في طهران فيما يتعلق بطموحاتهم النووية. وأعلن ترامب بوضوح أن "إيران تتمنى هزيمته في الانتخابات". وكان قد صرح في وقت سابق بأن بوتين يرغب في خسارته أيضا، تماما مثلما حدث في عام 2016.

يبدو أن بوتين مصدوم من أفكاره البدائية والفاشلة، وبالطبع، لم تتعلق هي بالجهود النووية الجنونية للنظام الإيراني المتوحش الحليف. كان الهدف الرئسي إجلاس ترامب على طاولة واحدة و"عزل" الزعيم الأمريكي. 

التركيبة التي اقترحها الكرملين استبعدت أي تعديلات. المخيف أن بريطانيا العظمى وقفت إلى جانب موسكو في هذا التحدي الإيراني الرهيب حقا. 

هكذا، أمرت ماي بتوقيع الاتفاقية "النووية" المشؤومة مع إيران. إذا، هل جونسون نسخة من ماي أم أسوأ منها؟ هل يعقل أن تخطط لندن لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع واشنطن، وهي تقف في الواقع إلى جانب موسكو وطهران وبكين؟

أدرك بوتين أنه خسر جدا، لذا ذهب في رهاناته إلى أبعد من ذلك. يقترح هو الآن الحديث بنفس الصيغة، ليس عن إيران وطموحاتها النووية الجنونية و"الأجهزة النووية الإيرانية"، وإنما عن الوضع الاستراتيجي في الخليج الفارسي بأكمله. 

توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات بوساطة الولايات المتحدة هو سبب هستيريا سيد الكرملين. أمام عينيه الخائفتين يتغير التوازن الجيوستراتيجي في المنطقة جذريا. ويمكن أن يتسبب في هذه الحالة بالكثير من الضرر لحلفاؤه في طهران أيضا. 

من الواضح أن الاتفاقية بين إسرائيل والإمارات موجهة بشكل أساسي ضد إيران ونظام طهران المجنون. وفي نفس الحالة تقريبا تقع اليوم الصين الشيوعية.

من الواضح أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تعارض بشكل قاطع الانضمام إلى المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول مصير ستارت 3. والآن، بعد فشل خطة الكرملين حول إيران، ستزداد حدة موقف بكين القاطع. وواشنطن تدرك ذلك. 

هذا يعرّض الكرملين الآن لضغوط أكبر إبان المحادثات الحاسمة، وعلى الأرجح المحادثات الفاشلة في فيينا. بلا الصين، ولكن وجها لوجه مع مفاوضين أمريكيين مستعدين وأقوياء للغاية. الذين تلقوا من الرئيس ترامب تعليمات صارمة للغاية.

ولكن ما حاجة ترامب وفريقه إلى محادثات فيينا هذه اللامتناهية، والخالية من المعنى استراتيجيا، يبقى سرا وراء سبعة أختام؟ ما الحاجة لإنقاذ ستارت 3 بعد أن دمر كل شيء؟. عند إنقاذ الماضي، والأكثر من ذلك، الماضي المشترك لأوباما وبوتين، سيؤدي هذا فقط إلى إلحاق الضرر  بالذات. 

عندما أعلنت واشنطن بصراحة أنها ستوافق على تمديد المعاهدة إذا أحرزت الأطراف تقدما في موضوع إضافة إجراءات تحقق صارمة جديدة، وإذا شملت جميع الرؤوس الحربية النووية، وإذا انضمت الصين إليها. عشية المحادثات، كان الممثل الخاص للولايات المتحدة مارشال بيلينجسلي قاطعا في إعلانه أن المعاهدة الجديدة يجب أن تشمل الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية. محاولا بالتالي حرمان بوتين من الميزة الفعلية الوحيدة على مسرح العمليات الأوروبي.

ترامب يهاجم ويبتز، فمن المستحيل التعامل مع بوتين بطريقة أخرى. إذا حدثت معجزة، سيصادق حينها على الأحكام الرئيسية ـمعهادة ستارت 4. ولكن، من المستحيل وضع النص النهائي قبل الانتخابات. وإذا انهارت المحادثات، وهو المرجح أكثر، سيتهم البيت الأبيض والرئيس ترامب الكرملين وبوتين مباشرة بالرغبة في تدمير كل شيء بالكامل. 

غير أن الواقع الاستراتيجي قاس للغاية، حتى دون حسابات سياسية. فترامب وبيلينجسلي وبوتين وريابكوف يعلمون على ماذا وقعت الولايات المتحدة وبولندا. وهم يعرفون أيضا أنهما تريدان نقل أسلحة نووية تكتيكية أمريكية من ألمانيا، ربما جزئيا، إلى بولندا. كيف سيرد الكرملين حينها؟.

المعركة حول أوروبا مستمرة. وتشتد قساوة كل يوم...

قناة "أوكرانيا برس" على "تيليغرام": https://t.me/Ukr_Press

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022