سعيد إسماعيلوف - مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمّة"
أذكر جيدا كيف كان حالنا كمسلمين في أوكرانيا قبل 30 سنة؛ عندما كانت المساجد -بكل بساطة- معدومة وغير موجودة، وكان التجمع للصلاة محظورا وتحت الرقابة.
تغير الحال بعد استقلال البلاد في 1991، وعادت المساجد لتبنى وتنتشر من جديد، بعد نحو 70 سنة من الحرمان، حتى أصبحت -بفضل الله- كثيرة.
لا أستطيع القول إن أعوام ما بعد الاستقلال كانت بالنسبة للإسلام والعمل الإسلامي مزدهرة، بل كانت مليئة بالمحن والصعوبات والتحديات والابتلاءات.
لم يكن العمل الإسلامي في أوكرانيا أبدا في حالة اكتفاء مالي يلبي كل الطموحات والأماني، ولم نملك أبدا جميع الكوادر الكافية والمؤهلة لتحقيق ذلك.
كان -ولا يزال- المسلمون في مواجهة مع هذا المواقع، ومع ابتلاءات أخرى لم تتوقف، أشدها عليهم كانت -للأسف- اتهامات تعرضوا لها مرارا من قبل "مسلمين"، لم يجيدوا على مدار أكثر من 24 سنة إلا الحقد والكيد وقذف الباطل على الحق.
ومع ذلك، استطعنا تحقيق الكثير من الإنجازات على أرض الواقع، أعادت الهوية للمسلمين شيئا فشيئا، وعملت بالاعتدال والوسطية والتدرج على تحصينهم من تيارات الغلو والتطرف، أو من الضلال والضياع.
مراكزنا الإسلامية ومساجدنا باتت منارة هدى للمسلمين قبل غيرهم، ومقصدا رئيسا للمسلمين عند كل مناسبة دينية، ولا أبالغ أبدا إذا قلت إن مسجد المركز الثقافي الإسلامي في العاصمة كييف هو أبرز مسجد أوكراني من حيث أعداد المصلين، في الأعياد وأيام الجمعة وغيرها.
هذه الحقيقة التي نفخر بها، ونعتبر أنها من علامات القبول ورضى الله، كانت سببا لحملة مستعرة على المركز في كييف وغيره، وعليّ، وعلى جميع القائمين على العمل الإسلامي، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية.
تعرض المركز لحملات اتهامات وتشويه كثيرة وموجّهة، كشفت جوانب عدة من طبيعة كيد وحجم حسد الأطراف التي كانت دافعا إليها، وهي تعرف نفسها، والناس يعرفونها جيدا، دون الحاجة للذكر.
قبل نحو أسبوعين، تعرض المتوجهون إلى صلاة الجمعة لعملية تفتيش وثائق قريبا من مبنى المركز، أكدت أطراف حقوقية أنها كانت عملية موجهة أيضا، ومن قبل تلك الأطراف مرة أخرى.
المؤلم في الأمر، ودون خوض في التفاصيل، أن هذه الحادثة وسابقاتها أزاحت أقنعة عن وجوه كانت بالأمس القريب مقربة، واستندت إليها لتكون أساس مجاهرة بحرب، لا أرى أنها تستهدف العمل الإسلامي فقط بالسوء، بقدر ما هي حرب على الله والإسلام والمسلمين في أوكرانيا، من قبل "مسلمين" محسوبين على مؤسسات دينية وبعض السفارات العربية.
المضحك المبكي هنا، أن مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والحقوقي والكثير من الشخصيات الأوكرانية السياسية والعامة، باتت من أشد المدافعين عن المسلمين، لأنها -بكل بساطة- تعتبرهم جزءا من مجتمع يجب أن يكون قويا بصحته وتماسكه.
لا أستطيع أن أستعرض كل المحن والابتلاءات التي مررنا بها على مدار سنوات طويلة، لكني أستطيع القول بكل ثقة، أنها من علامات حب الله لنا، ويا مرحبا بالابتلاء، إذا كان من علامات الحب…
اعتمادنا وتوكلنا أولا وأخيرا على الله، ثم على وعي المسلمين ووحدتهم في أوكرانيا...
وفي نهاية النهايات، العمل الإسلامي باق ببقاء الله، فهو ملكه ووليه الذي يدافع عنه في حرب لا نزاهة فيها ولا شرف…
قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" صدق الله العظيم
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022