لائحة بوتين "للإرهاب" شملت المسلمين والأوكرانيين... فمن التالي؟

نسخة للطباعة2016.08.22

تساءلت الكاتبة آنّا نيمتسوفا، وإن بطريقة ضمنية، عن هدف "الحرب على الإرهاب" التي يخوضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلة إنّ بوتين "لاحق المسلمين أولاً. الآن هو يستهدف الأوكرانيين. من هو التالي على لائحة الإستهداف الإرهابية للرئيس الروسي؟".

عرّف نيمتسوفا قرّاءها إلى رمزي ميميتوف، "الطاهي البشوش" الذي يقدم طبقاً تقليدياً في باخشيراي، داخل القرم. وكانت أطباق ذلك الطاهي "شعبية لدى المسلمين الذين يأتون إلى مسجد محلي للمشاركة في احتفالات دينية". وتضيف: "لا أحد في مجتمع التتار الكبير أمكن له تخيّل أنّ الطاهي المفضل لديهم قد يُتهم بالإرهاب".

حرب جديدة لبوتين

واقتاد مكتب التحقيقات الفيديرالي الروسي (أف أس بي) ميميتوف من منزله بعد مصادرة بضعة كتب دينية وأقراص مدمجة. وعلم اِبنا الطاهي وزوجته بأنّه متهم بالمشاركة في "نشاطات إرهابية كجزء من حزب التحرير المحظور في روسيا". وأضاءت نيمتسوفا على الأحداث التي تلت ضمّ القرم سنة 2014، حيث لاحقت الوكالات الأمنية الروسية المسلمين في تلك المنطقة وأوقفت العديد منهم. "واليوم، إنّ المحاكمات المزعومة لمسلمي حزب التحرير في القرم، ليست سوى جزء واحد من الحرب الكبيرة والجديدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الإرهاب، والتي شُنت في مناطق الأورال وسيبيريا والقرم الملحقة وفي روسيا الوسطى". 

دولة المؤامرات

بالنسبة إلى الكاتبة، "في دولة المؤامرات والجرائم الكبرى التي لم تُحل، حيث تعمل الخدمات الأمنية بدون رقابة السياسيين أو المجتمع المدني، لا أحد يمكنه التأكد من الطبيعة الحقيقية للحوادث والمؤامرات الإرهابية". وتضيف أنّ يوم الأربعاء الماضي، إستيقظ الروس على أخبار تهديد إرهابي وصوت انفجارات في وسط سان بطرسبرغ. وقالت السلطات الروسية إنّ أربعة مقاتلين إسلاميين قتلوا في هذه العملية الخاصة.

روسيا لن تغفر
تشير نيمتسوفا إلى مسوّدة قرار المجلس الأوروبي الصادرة في أبريل(نيسان) الماضي والتي لفتت إلى أنّ "أفراداً من القوات الأمنية وهيئات تنفيذ القانون ما زالوا يلجأون إلى وسائل غير مشروعة كالخطف والإعتقالات السرية، وعمليات القتل غير القضائية والتعذيب، ويستمرّون بالتمتع بحصانة شبه كاملة". وتكمل نيمتسوفا مقالها من خلال الكتابة عن اجتماع بوتين، الأسبوع الماضي، مع كبار قادته العسكريين والأمنيين واتهامه أوكرانيا بالتحضير لهجمات إرهابية وقتل ضابطين في القرم. وقال بوتين إنّ روسيا لن تغفر لأوكرانيا ما حصل وستراجع "سيناريوهات الإجراءات الأمنية لمكافحة الإرهاب". وأضافت الصحافية أنّ اتباع هذه الإجراءات لن يكون "فقط على طول الحدود البرية بل أيضاً في الخارج وفي الجو".

في هذه الأثناء، اكتشفت القوى الأمنية الروسية "شبكة عالمية من الدعاية الإرهابية". كما ااحتجزت قوى الأف أس بي 96 شخصاً في مناطق تيومان، سفيردلوفسك وشيليابينسك (في الأورال).

"أرأيتم! على الأف أس بي أن يبرهنوا أنهم قادرون على العمل جيداً وإيجاد الإرهابيين". هذا ما نقلته الصحافية عن الباحث إيغور بونين من مركز التقنيات السياسية – مؤسسة رأي مركزها موسكو. أمّا كاتيا سوكيريانسكايا، الباحثة في مجموعة الأزمة الدولية، فتقول للموقع نفسه إنّ روسيا شهدت مسلمين من الروس ينحون باتجاه التطرّف ويرحلون إلى سوريا من سيبيريا. ومن هنا تكتب نيمتسوفا: "يبدو أنّ الإرهابيين في كلّ مكان، داخل وخارج الحدود الروسية معاً. لكن الاتهامات بشأن أوكرانيا تبقى الأكثر إشكالية على مستويات عدّة مختلفة"، لأن بوتين اعتبرها دولة "تمارس الإرهاب وترعاه" ولذلك "لن يتعامل مع قيادتها".

ويرى محلّلون كثر أن هذه الإدعاءات هي تهديد غير مباشر بالحرب. لكن نيمتسوفا تكتب عن صعوبة إيجاد أي شخص يؤمن "بأن الكرملين مستعد لصراع أكبر في اوكرانيا، يمكن أن يطلق حرباً عالمية ثالثة". وأضافت: "هنالك مؤشرات إلى أن القيادة العليا متزعزعة"، بعد إبعاد بوتين لصديقه القديم سيرغي إيفانوف.

أوكرانيا.. المواجهة في أي لحظة

ورأت نيمتسوفا أنّ بوتين يتبنى خطاب الغرب ثم يستخدمه ضد السياسات الغربية. ففي سوريا، يهاجم المعارضة المدعومة غربياً ثم يدعي أنه يحارب الإرهابيين. والآن يقول إنّه مهدد من الإرهاب وسيحاربه تماماً كما يفعل الغرب – لكن في الحالة الروسية، يتأتى الإرهاب من أوكرانيا. وخلال السنتين الماضيتين، تمّ اتهام عشرات الأوكرانيين بتنظيم الهجمات الإرهابية أو المساعدة على شنها. كما اعترفت روسيا بأنها نقلت صواريخ أس-400 إلى القرم. في هذه الأثناء، طلب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو من قواته الإستعداد لمواجهة الجيش الروسي في أي لحظة.

ماذا عن الطاهي؟

وقال دليافر ميميتوف، الابن الأكبر للطاهي في حديث هاتفي مع الدايلي بيست: "لقد اعترف، على الأرجح تحت الضغط، بأنّه كان جزءاً من حزب التحرير. محكمة القرم قررت الإبقاء عليه قيد الإعتقال حتى جلسة الاستماع المقبلة في أكتوبر(تشرين الأوّل)". وأضاف: "أوّلاً مدّدوا الخمس عشرة دقيقة إلى شهرين، بعدها علموا على الأرجح أن لا دليل ضدّه لكنهم تركوه خلف القضبان لبضعة أشهر إضافية وإذا وجدته المحكمة مذنباً فسيمضي أكثر من 10 سنوات في السجن".

إستطلاع رأي مفاجئ؟

لكن على الرغم من كل ذلك، يشدّد دليافر على أن التتار كمجتمع، لن يغادروا القرم. أمّا من جهة الروس، فهم "يبدون متحدين أيضاً". فإذاعة "إيكو أوف موسكو" أجرت استطلاعاً وجدت فيه أنّ 82% من الروس هم ضد عملية عسكرية روسية في أوكرانيا. وبذلك، "تهديدات الإرهاب المزعومة لم تقنعهم" بحسب الصحافية التي تختم مقالها بالكلمات التالية: "لن يُنشر الجيش على الأرجح. لكنّ الأف أس بي سيكون ناشطاً أكثر من أي يوم مضى".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

وكالات

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022