محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
فرض تعامل قوات الأمن الأوكرانية (حتى الآن) مع احتجاجات ما بت يسمى بـ"الميدان الأوروبي" أو "اليورو ميدان"، فرض تساؤلات كثيرة حول هذا التعامل، الذي يعتبر إلى حد كبير موافقا للمعايير الدولية، وإن شابته بعض الاستثناءات، وبعيدا كل البعد عن نظيره في دول العالم العربي وغيرها من دول العالم.
وتناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مرئية حثت من خلالها قوات الأمن المتظاهرين على الالتزام بسلمية حراكهم، وكذلك تقديم نصائح لهم بعدم اقتحام المباني الحكومية والعبث بمحتوياتها، لأن ذلك "يخالف القانون"، بل وبعدم مواجهتهم لعنف بعض المتظاهرين بالمثل، والصبر عليهم.
كنا شاهدين على مشاركة قوى الأمن بتنظيم الاحتجاجات أيضا في ساحة الاستقلال بالعاصمة كييف، من خلال قدومها بكثافة لتنظيم حركة المرور في شوارعها المحيطة، ثم الانسحاب بعد تراجع الحركة.
وقد قال أحد الضباط لنا: "لا ننوي فض التظاهرة، ولا تقييد مساحتها، بل تنظيم حركة المرور ليعود الناس إلى بيوتهم".
تعامل اعتبرته أوساط النظام الحاكم دليلا على أن البلاد حققت الكثير على طريق تطبيق معايير الاتحاد الأوروبي والتكامل معه، وأن قرار تجميدها للشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي أشعل الميادين، لم يكن إلا بمثابة "تأجيل مؤقت يرعى المصالح القومية لأوكرانيا في الوقت الحالي".
عنف فحشد
لكن هذا التعامل لم يخل من استثناءات، فمع حلول فجر يوم السبت الماضي، اقتحمت شرطة مكافحة الشغب ساحة الاستقلال لإخلائه، وقامت بضرب واعتقال العشرات ممكن كانوا فيه، لتتغير النظرة، وتطرح تساؤلات جديدة.
اقتحام كان نقطة تحول كبيرة في مسيرة الاحتجاجات المستمرة منذ 13 يوما، نأت السلطات بنفسها عنه، فاستنكرته وشكلت لجنة للتحقيق به، ثم أقالت أوليكساندر كورياك رئيس جهاز شرطة العاصمة على خلفيته.
أما المعارضة فاستغلت الاقتحام – على ما يبدو - لإثارة شريحة واسعة من الأوكرانيين ودفعها إلى الشارع، واصفة إياه بالعنف غير المسبوق في تاريخ البلاد، الذي يمارسه النظام لإرهاب الشعب وتكميم أفواهه.
تذمر فتراجع
ومع ذلك، وبعد حادثة الاقتحام التي أوقعت نحو 40 جريحا، يجمع الكثير من المؤيدين والمعارضين على أن قوات الأمن تلتزم حتى اللحظة بأقصى درجات ضبط النفس، وخاصة حول المباني الحكومية، بعد أن تركت عمليا وبشكل ملحوظ شوارع وميادين وسط العاصمة للمحتجين.
ولتفسير ذلك قال سيرهي سوبوليف النائب عن حزب الوطن "باتكيفشينا" المعارض، قال إن ثمة حالة تذمر كبير بين قيادات وعناصر قوات الأمن، فهم جزء من المجتمع، و"الاعتداء على كبار السن والطلاب والصحفيين" مؤلم لهم أيضا.
وأشار أيضا إلى أن جهاز الأمن واحد من الأجهزة "الأكثر فسادا"، وهذا ما يضع أفراده، وخاصة المأمورين منهم" إلى جانب مطالب المحتجين لا ضدها، مع الالتزام بحماية الممتلكات العامة.
لكن النائب لم يستبعد أن يعمد النظام إلى العنف إن شعر بأن خناق الاحتجاج يضيق عليه، مستعينا بفئات وأفراد لها مصالح خاصة في بقائه.
يذكر أن إحصائيات رسمية بينت أن أعداد الجرحى منذ بداية الاحتجاجات بلغت 285، 165 بين صفوف المتظاهرين، و120 بين صفوف قوات الأمن.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022