عادات وأجواء رمضانية خاصة بتتار القرم

عادات وأجواء رمضانية خاصة بتتار القرم
أحد الدروس الرمضانية في مسجد المركز الثقافي الإسلامي بالقرم
نسخة للطباعة2013.07.30

محمد صفوان جولاق - رئيس التحرير

لتتار إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا مع شهر رمضان المبارك حكايات وحكايات، يقسمونها على ثلاث فترات، قبل الاتحاد السوفيتي وخلاله وبعده، فهي حكايات ارتبطت وتأثرت كثيرا بسياسات الاتحاد التي حاربت الديانات ومنعتها.

وأصل هذه الحكايات مستوحى من عادات وأجواء رمضانية تشبه نظيرات لها في دول مسلمة مجاورة أو حتى عربية، إلا أن بعضها يقتصر على تتار القرم ويشتهر بينهم فقط.

عمل وتعبد

تحدث خليل دندانوف (84 عاما) عن بعض هذه العادات التي رسخت في كيانه بعد أن سمعها عن أبويه وأجداده، ولم تفلح سنوات الحقبة شيوعية بانتزاعها.

يقول خليل إن رجلا كان يجول في الطرقات ضاربا على طبل لإيقاظ الناس وتناول السحور قبل موعد الفجر، وكانت ولا تزال وجبة السحور الرئيسية هي "تشيبوريكي" (فطائر باللحم أو الجبن)، لأن الزراعة كانت ولا تزال مهنة التتار الأولى، وبهذه الفطائر يستعين التتار على العمل الشاق في الحقول بعد الفجر.

ويضيف أن الأجداد والآباء كانوا يذهبون يوميا إلى المساجد والمدارس (الكتاتيب) لقراءة القرآن وحضور الدروس وحلقات الذكر قبل موعد الإفطار، وهذا الذهاب كان من الواجبات اليومية التي لم يتخلف عنها أحد بلا عذر.

إفطارات تستحضر المأساة

جلسنا لتناول طعام الإفطار مع أسر تترية، والتتار يحرصون على التناوب في إقامة إفطارات تتعدى الأسرة الواحدة إلى الأقارب و الجيران.

هممنا بالأكل بعد صيام يوم طويل يقارب 19 ساعة، ليوقفنا دعاء كبير العائلة قبل البدء، فالدعاء الجماعي عادة ورثها التتار، وله روحانية خاصة قبل الإفطار في رمضان، فيه يسألون الله القبول، ويترحمون على ضحايا مأساة التهجير القسري التي تعرضوا لها عام 1944، ويسألون الرحمة لمن حرم صوم رمضان من قبل النظام السوفييتي.

وهنا يلفت الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" إلى أن النظام السوفيتي حرم المسلمين وغيرهم من ممارسة تعاليم دينهم، وعاقب على ذلك بالطرد من العمل أو حتى التعذيب.

ومن صور ذلك التعذيب التي يرويها إسماعيلوف أن قادة الجيش كانوا يجبرون الجنود المسلمين على أكل لحم الخنزير في رمضان، لضمان أنهم لم يصوموا، وأن ولائهم إلى النظام لا إلى الدين.

ويقول سيران عريفوف رئيس الهيئة التشريعية في اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" – أكبر مؤسسة تعنى بشؤون المسلمين في أوكرانيا – يقول إن الصيام كان فعلا سريا يقتصر على الآباء، ولا يلقنونه للأبناء إلى تعريفا عاما خشية البطش؛ وكان جوابهم لأبنائهم عند الرغبة بالصوم: "الصوم لله، فإذا صمتم لا تخبروا أو تشعروا أحدا".

نهاية الشهر

ويشتهر لدى التتار آخر يوم صيام بأجواء احتفالية، أبرزها ما يسمى "كوكو تشيكارماك" (نشر رائح الطعام)، حيث يعمدون إلى طهي مختلف أنواع الطعام في الهواء الطلق، ليشم الجيران والمارة الرائحة ويأتون للأكل معا، احتفالا بعبادة الشهر وقدوم العيد.

ويشير الصحفي التتري ديلافير سيد أخميتوف إلى أن "كوكو تشيكارماك" والكثير من العادات والأجواء الرمضانية لدى تتار القرم تعود شيئا فشيئا إلى الظهور من جديد بعد أن غيتها عقود الحرمان، شأنها شأن الدين نفسه، الذي يعود التتار شيئا فشيئا إلى التمسك والالتزام به.

يذكر أن تعداد تتار القرم يبلغ اليوم نحو 500 ألف نسمة، وكانت أعدادهم تقدر بنحو 2 مليون نسمة عندما كان القرم ولاية تتبع لدولة الخلافة العثمانية في أجزائها الشمالية.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - الجزيرة نت

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022