أحزاب قومية ذات طابع "عنصري" تتقدم نحو صدارة صفوف المعارضة

نسخة للطباعة2010.12.08

من رحم الثورة البرتقالية في العام 2004 ولدت الديمقراطية في أوكرانيا كما يرى محللون، وفي ظل الديمقراطية خرجت إلى الوجود حركات وتجمعات وأحزاب قومية تحمل فكرا تحرريا، يوصف بأنه فكر عنصري، ويعتبر محل جدل كبير، وفي مقدمتها حزب "الحرية" و"اتحاد القوميين الأوكرانيين".

وقد ظن الاتحاد السوفييتي السابق أنه سحق هذا الفكر بالقضاء على حركة التحرر الثورية في أوكرانيا، التي نادت بالانفصال عنه وقاتلت ضده أواسط القرن الماضي، لكنه عاد وبات اليوم ذا ثقل وحضور قوي في البلاد، تستند حركاته وأحزابه إلى قاعدة شعبية واسعة، جلها من فئة الشباب.

معارضة جديدة

وفي ظل التراجع القائم في شعبية أحزاب المعارضة البرتقالية وقادتها، وعلى رأسهم الرئيس السابق فيكتور يوتشينكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، يرى البعض أن أحزاب الفكر التحرري "العنصري" باتت تشكل معارضة جديدة ذات حضور وتأثير.

يقول المحلل السياسي ميكولا سازونوف: "حققت هذه الأحزاب نتائج جيدة في الانتخابات المحلية قبل شهرين، خاصة في غرب البلاد حيث تنشط نسبيا، وتمكنت من الفوز بإدارة بلديات مدن وعدة مقاعد في أخرى".

وقال إن أنصار هذه الأحزاب باتوا في مقدمة أي نشاط للمعارضة، وقد يشكلون فيه الأغلبية، والتظاهرات الرافضة لقوانين الضرائب قبل أيام تدل على ذلك، فهم باتوا يأخذون مواقع رئيسية في المعارضة، قد تمكنهم قريبا من قيادتها.

الأسباب

ويطرح حضور هذه الأحزاب في أوكرانيا تساؤلات حول الأسباب التي تدعم نشاطها المتسارع، وتهافت شريحة واسعة من فئة الشباب على تأييدها ودعمها.

يقول المحلل فياتشيسلاف شفيد إن الشباب يجدون في هذه الأحزاب ملاذا يسير بهم نحو مستقبل أفضل، حتى وإن كانت ذات طابع قومي عنصري "طائش" ومثير للجدل، على غرار الحزب الألماني النازي، وذلك بعد أن سئموا سماع وعود الأنظمة المتعاقبة "المعتدلة"، ولم يعودوا يصدقونها.

وقال إن الشباب سئموا تبعية البلاد لروسيا تارة، أو للغرب تارة، وفكر الأحزاب هذه يجاهر بعدم التبعية التي تفرض على البلاد استحقاقات سياسية واقتصادية واجتماعية تعرقل آمالها بالتطور.

مخاوف

وتفرض هذه الأحزاب على النظام والمجتمع مخاوف حقيقية في ظل ظهورها المتنامي على الساحتين السياسية والاجتماعية، خاصة وأنها تنادي بقطع العلاقات مع روسيا والغرب، وبطرد الأجانب ومن لا ينتمي إلى عرق "السلافيان" الأوكراني، والمذهب "الأرثوذوكسي".

فقد طعن الائتلاف الحاكم على سبيل المثال بنتائج الانتخابات المحلية في المدن التي فازت بها هذه الأحزاب، واستدعى الادعاء العام رئيس حزب "الحرية" أوليغ تياهنيبوك قبل أيام للتحقيق بتهمة إثارة الفوضى في البلاد، من خلال المشاركة في التظاهرات، وتكسير أنصار حزبه بلاط ساحة الاستقلال وسط العاصمة كييف خلالها.

ورد الحزب على هذه الاتهامات بوصفها ذرائع تهدف إلى إخافة أنصاره، ووقف نشاطه الرافض لسياسات النظام.

يقول المحلل شفيد إن تنامي ظهور هذه الأحزاب ليس لأنها الأفضل، بل لأن باقي الأحزاب حنثت وتحنث بوعودها فأوجدت لدى الشعب فراغا من الثقة، وتطور نشاطها وتأثيرها وصولا إلى الحكم قد يشكل خطرا كبيرا على مستقبل البلاد، التي ترتبط بعلاقات سياسة واقتصادية واجتماعية واسعة مع دول الجوار، وفي مقدمتها روسيا.

وأضاف أن المجتمع الأوكراني يضم إلى جانب العرق السلافياني الأوكراني الأوثوذوكسي، وهو العرق الأبيض الأوسع انتشارا، أعراقا وقوميات وإثنيات ودينات أخرى (تقدر بنحو 115 في بعض المناطق)، وفي مقدمتها العرق السلافياني الأرثوذوكسي الروسي، والتتري المسلم، واليهودي وغيرها، الأمر الذي يهدد المجتمع تهديدا مباشرا، لأن هذه الأحزاب تشهر العداء للغير وتدعو إلى إبعادهم، ومن بينهم الأجانب، كالطلاب والتجار المستثمرين واللاجئين.

مركز الرائد الإعلامي

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

التصنيفات: 

التعليقات:

(التعليقات تعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس")

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022