زيارة الأسد .. رؤية إستراتيجية سورية لربط البحار الخمسة

نسخة للطباعة2010.12.05

حافظت العلاقات السورية الأوكرانية التي تأطرت دبلوماسيا في أعقاب استقلال أوكرانيا عام 1991 على قوة العلاقات التاريخية التي ربطت سورية بالاتحاد السوفييتي، بل جرى تعزيزها في مجالات عدة لتصبح أوكرانيا الشريك التجاري الأكبر لسورية في شرق أوروبا، وتكون سورية الشريك التجاري الأول لأوكرانيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وذكرت وكالة "سانا" السورية للأنباء في تقرير لها أنه بعد قيام الدولة الأوكرانية بادرت كل من دمشق وكييف إلى وضع حجر الأساس للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكانت سورية أول دولة في الشرق الأوسط تعترف بأوكرانيا كدولة مستقلة في عام 1992م

ثم تم افتتاح سفارة لأوكرانيا بدمشق في عام 2000 وقنصلية فخرية في مدينة حلب في 2002، وتم افتتاح سفارة سورية في كييف عام 2004، كما زار الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما سورية في عام 2002، وهي زيارة تم خلالها تحديد التوجهات الرئيسية لتطور العلاقات الثنائية ووضع الأطر التشريعية للتعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي بين البلدين.

وتعكس زيارة الرئيس بشار الأسد إلى كييف الأهمية التي توليها سورية لأوكرانيا، ليس باعتبارها الشريك التجاري الأكبر في شرق أوروبا فحسب، بل من كونها شريكا أساسيا في فضاء التعاون الإقليمي الذي تعمل دمشق على نسجه، وانطلاقا من الدور الذي تتمتع به أوكرانيا كممر من ممرات الطاقة الكبرى التي تنقل الغاز والنفط من آسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى أسواق الاستهلاك الأوروبية، حيث تشكل المعبر الأساسي لأنابيب الغاز الروسية إلى أوروبا، كما تمتلك شبكة سكك حديدية تصل شمال أوروبا بالبحر الأسود.

كما تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة من حيث توقيتها، إذ تأتي في وقت بدأت رؤية سوريا الإستراتيجية لربط البحار الخمسة، المتوسط والأحمر والخليج والأسود وقزوين، بشبكة تعاون إقليمية، من خلال إقامة شبكات ربط للنقل البحري بين المرافئ السورية ونظيراتها في كل من رومانيا وأوكرانيا، أو من حيث ربط شبكات إمداد الطاقة الكهربائية أو الغاز العربية مع منظومة الطاقة الأوروبية عبر تركيا كخط الغاز العربي الذي يتم العمل على ربطه بمنظومة الغاز التركية عبر سوريا، وبالتالي بمنظومة الغاز الأوروبية، وليس هذا فحسب، بل إن هذه الرؤية تلقى دعما من قادة الدول الإقليمية التي تشكل عناصر أساسية في هذا الفضاء الاقتصادي وينظر إلى توسيعه لربطه مع الدول المطلة على بحر البلطيق الأمر الذي يقع في صلب الرؤية الإستراتيجية لسوريا.

وتميزت العلاقات السورية الأوكرانية في الفترة الأخيرة بفاعلية كبيرة وعكست الزيارات المتبادلة وحركة الاتصالات المكثفة حرص الجانبين على تعزيز العلاقات الثنائية ودفع عجلة التعاون الاقتصادي، حيث تم في عام 2003 تأسيس اللجنة السورية الأوكرانية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني التي تعقد اجتماعاتها سنويا في كل من دمشق وكييف، كما تم إطلاق مجلس الأعمال السوري الأوكراني العام الماضي لتأطير عمل القطاع الخاص السوري في العلاقات مع أوكرانيا وتكامله مع القطاع الحكومي، وعقد في العام الجاري ملتقى رجال الأعمال في كييف بهدف إعطاء القطاع الخاص في البلدين دوره في تفعيل النشاط التجاري المشترك، وتوسيع فرص التعاون الاقتصادي وتطوير بيئة الأعمال المشتركة لإقامة شراكات اقتصادية حقيقية في مجالات جديدة.

والعلاقات السورية الأوكرانية لم تقتصر على التعاون في المجال السياسي والاقتصادي بل شملت الجانب التعليمي والثقافي أيضا، فالكل يذكر أن آلاف الطلاب السوريين تخرجوا من الجامعات الأوكرانية زمن الاتحاد السوفييتي، وهذه العملية ما زالت مستمرة حتى الآن حيث تستقبل الجامعات الأوكرانية نحو 2500 طالب سوري سنويا يتلقون تعليمهم العالي هناك، الأمر الذي خلق حالة من التفاعل الاجتماعي والقرابة، عبر الزيجات المختلطة.

ويتركز وجود السوريين في مدينة أوديسا خاركوف ودنيبروبيتروفسك.

الهيئة العامة للإذاعية والتلفزيون في سوريا

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022