تكررت خلال أيام الشهر الجاري ظاهرة كتابة عبارات عنصرية على جدران أسوار بيوت ومقابر تتار إقليم شبه جزيرة القرم المسلمين جنوب أوكرانيا، ولعل من أبرزها تلك التي دعت إلى "ذبح التتار بالسكين".
وتعد هذه العبارات صدمة مفاجئة لتتار القرم بعد أشهر من توقف الدعوات والاعتداءات العنصرية ضدهم في الإقليم، وكذلك صدمة لمجتمع أوكرانيا، الذي تعتبر شريحة واسعة من أبنائه أن القرم مثال نموذجي للتعايش بين مختلف الفئات والإثنيات العرقية والدينية.
ويشكل التتار المسلمون نسبة تقدر بنحو 18 – 20% من إجمالي عدد سكان الإقليم البالغ نحو 2.5 مليون نسمة، بينما يشكل الروس نسبة تقارب 40%، والأوكرانيون نسبة تقارب 30%، إضافة إلى وجود قوميات وأعراق كالتركية والأذربيجانية والجورجية وغيرها.
وقال علي حمزين مسؤول العلاقات الخارجية في مجلس شعب تتار القرم، وهو أبرز مؤسسة ذات طابع سياسي في الإقليم، إن الكتابات تصعيد مفاجئ وخطير ضد التتار بعد أشهر من تراجع التحركات العنصرية ضدهم.
وأشار إلى أن مجهولين قاموا بتحطيم نحو 240 قبرا في عد مقابر تترية، وأسوار بيوت ومساجد، وأن الشكاوي التي قدمت من التتار لم تسفر عن كشف الفاعلين وسجلت ضد مجهولين، من العام 2008 وحتى اليوم.
وأشار بأصابع الاتهام إلى متطرفين روس في القرم وروسيا يقفون خلف هذه الاعتداءات، لأنهم يعتبرون أن التتار كانوا سببا بمقتل 3000 روسي في الحرب العالمية الثانية عندما وقفوا إلى جانب القوات النازية ضد السوفييتية، رغم أن الاتحاد السوفييتي برأهم من هذه التهمة في العام 1967.
مخاوف
وقد أثارات الاعتداءات الأخيرة مخاوف التتار وعدة أطراف أخرى في مجتمع أوكرانيا، كما أثارات اهتمام منظمة الأمن والتعاون الأوروبية.
فقد زار سفير المنظمة عادل أحمدوف قبل عدة أيام مقر اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" في العاصمة كييف، وهو أكبر مؤسسة تعنى بشؤون المسلمين في أوكرانيا، والتقى ممثلين عن عدة مراكز ومؤسسات قومية تترية ودينية إسلامية.
وأكد أنه سينقل آراء التتار وعموم مسلمي أوكرانيا إلى أعلى المستويات الحكومية، وخاصة تلك المتعلقة بالاعتداءات العنصرية ضدهم، "حتى لا يكون الإسلام عنوان خوف وقلق في أوكرانيا، وللحفاظ على روح التعايش السلمي بين مختلف الفئات العرقية والدينية فيها".
ولعل من أبرز تلك الآراء رأي مسلم درويشوف رئيس جمعية الأمل الشبابية التترية في القرم، الذي قال إن السلطات في أوكرانيا لا تولي قضية الحفاظ على التعايش أهمية جدية، وظاهرة العنصرية القائمة قد تؤدي إلى صدامات المجتمع الأوكراني بغنى عنها.
وفي هذا السياق أيضا قال شادي شاور نائب رئيس اتحاد "الرائد" العائد من مؤتمر الدوحة التاسع لحوار الأديان إن التعايش بين الفئات العرقية والدينية في أوكرانيا عموما وفي القرم خاصة نموذج يحتذى به في العالم.
وأضاف أن على جميع الأطراف أن تحافظ عليه من خلال الحوار، وعلى الحكومة أن تعيره اهتماما أكبر وتدعمه دعما مباشرا، فهو مهدد الآن أكثر من أي وقت مضى.
ودعا فياتشيسلاف شفيد مستشار الأمن القومي السابق في إدارة الرئاسة إلى تشكيل لجنة "شراكة في الوطن" تضم شخصيات بارزة في الحكومة وممثلين عن جميع أطياف المجتمع.
أوكرانيا برس + الجزيرة نت
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022
التعليقات:
(التعليقات تعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس")