خلال السنوات الثلاث الماضية، تعددت واختلفت إعلانات وعزائم انفصاليي شرق أوكرانيا، بدءا من "جمهوريات شعبية" أرادوا أن تضمها روسيا على غرار القرم، مرورا بدولة "روسيا الجديدة" التي تضم معظم مناطق شرق نهر الدنيبر الذي يقسم البلاد، وصولا إلى دولة "روسيا الصغرى" التي تضم كل الأراضي الأوكرانية.
تسميات الدول هذه ليست حديثة العهد، فـ"روسيا الجديدة" هو اسم أطلقه السوفييت على مناطق شرق أوكرانيا عندما ثار غربها أواسط القرن الماضي، و"روسيا الصغرى" هو اسم أطلقه قبل ذلك الزعيم السوفييتي لينين على أوكرانيا، للحد من شأنها كأرض مهد لشعوب "كييف روس"، وعمد إلى إطلاق اسم "روسيا العظمى" على روسيا.
وهي تسميات يبدوا أنها ليست محل إجماع بين انفصاليين "جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين"، فبيان صدر عن قادة انفصاليين لوهانسك بين أنه "لا علم لهم بهذه المبادرة".
مبادرة يبدو أن موسكو نأت بنفسها عنها سريعا في الظاهر، لأنها تصريحات طموحة جدا، كما تقول مجلة "نيوز ويك" الأمريكية.
الرد الأوكراني
لم يتأخر الرد الأوكراني على إعلانات الانفصاليين، وهو رد جمع بين الحزم والسخرية، والتأكيد على أن استعادة سيطرة أوكرانيا على كامل أراضيها أمر محتوم، ومسألة وقت.
الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو قالإن بلاده استعادت ثلثي المناطق التي سيطر عليها الانفصاليون، وأنهت حلم "روسيا الجديدة" لديهم.
وزير الخارجية بافلو كليمكين اعتبر أن الخطة عبارة عن "استعراض" يقوم به الكرملين، الذي يحرك الدمى الانفصاليين، في إشارة إلى الانفصاليين.
أما رئيس الأركان العامة للجيش الأوكراني فيكتور موتشينكو، فأكد أن "الشعب الأوكراني سيدفن روسيا الصغرى"، ووصف خطة زعيم انفصاليين منطقة دونيتسك أليكساندر زخارتشينكو بأنها "أوهام مريضة".
أسباب التصعيد
لكن للمحللين آراء تربط بين توقيت إعلان الانفصاليين، وأبرز التوجهات الروسية، والأحداث التي شهدتها وتشهدها أوكرانيا، وخاصة في المجال العسكري.
أندري بوزاروف خبير العلاقات الدولية رأى أن فكرة روسيا الصغرى خطيرة على مستقبل أوكرانيا، لأنها "فكرة جامعة" تحظى بشعبية في روسيا ومناطق سيطرة الموالين لها بشرق أوكرانيا.
وأوضح أن روسيا تسعى إلى توحيد الانفصاليين المنقسمين والمختلفين بين دونيتسك ولوهانسك، خاصة وأنها تدعمهم، وستعول عليهم إذا ما أرادت التوسع باسم "روسيا الصغرى"، واحتلال مناطق جديدة ترى فيها "استعادة للتاريخ"، سواء كان ذلك الآن، أو بعد عدة سنوات.
أما أليكسي هاران رئيس مركز التحليل السياسي فقال: "الانفصاليون مرآة تعكس الإرادة وردود الفعل الروسية، ومن المؤكد أن تقارب كييف مع الغرب يغضب موسكو، خاصة وأنه وصل إلى حدود الحصول على أسلحة نوعية من الولايات المتحدة.
وأضاف أن المناورات العسكرية القائمة حاليا في سواحل مدينة أوديسا جنوب البلاد، التي يشارك فيها حلف شمال الأطلسي، هي محل قلق روسي أيضا، لذلك لا يمكن فهم تصريحات الانفصاليين إلا في إطار التلويح بالتصعيد، وروسيا أثبتت مرارا أنها لا تلتزم بأي اتفاق أو حلف، وأن أطماع نظام بوتين توسعية.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022