توقفت عجلة الزمان في أوكرانيا يوم الأمس، وعاد الأوكرانيون بأنفسهم إلى التاريخ، الذي تشكلت مع بداياته ثقافتهم بما تحتويه من عادات وتقاليد وألوان فلكلور وفن.
في اليوم السنوي للعاصمة كييف، وأمام مبنى "البوابة الذهبية" التي كانت مدخلها الوحيد، تجمع الآلاف منهم مرتدين الزي الشعبي الأوكراني، في إطار مسيرة تفاخر بهذا الزي، دعا إليها نشطاء.
الزي الشعبي الأوكراني (فيشيفانكا) حاضر في كل خزانة ملابس كما يقول الأوكرانيون، يخاط من القماش الأبيض الخفيف، ويتميز بتطريزاته الدقيقة أو رسومات الزهور التي تحاك باللونين الأسود والأحمر والأزرق غالبا، فتميزه عن ألبسة شعبية مشابهة في دول مجاورة.
أمام "البوابة الذهبية" غنى المشاركون أغاني الأجداد، وأدوا بعض رقصاتهم الشعبية، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، فلبسوا زي محاربي العصور الوسطى، أو دخنوا على طريقة "الحكماء القدامى" على حد تعبير بعضهم.
فولوديمير شاب أوكراني شارك مع زوجته وطفلته في المسيرة، وقال لنا: "الزي الشعبي رمز لأمتنا وشعبنا، وهو أكثر من مجرد ألوان ولباس مريح، فهو يحمل معان كثيرة، بدءا من الحب، مرورا بالحرز من الأرواح، كما أنه رمز يحمي ثقافتنا، تماما كما تحميها الأشعار والأغاني".
وأضاف: "هذا الزي تعبير عن خصوصية عاداتنا وتقاليدنا، التي يتفاخر بها كل من يحب أرضه من الأوكرانيين؛ لدي أصدقاء نزحوا عن مناطق الشرق الانفصالي، لم يعرفوا الكثير عن ثقافتهم سابقا، لكنهم مهتمون جدا بالتعرف عليها والتمسك بها اليوم".
ثقافة و"سياسية"
المسيرة جابت شوارع قلب العاصمة كييف، لكن اللافت فيها كان حضور الهتافات السياسية التي اشتهرت مع احتجاجات الميدان قبل عامين، وزادت شهرة بعد بداية أزمات سياسية وعسكرية غير مسبوقة مع روسيا.
أليكسي زاخارتشينكو أحد المنظمين، قال: "كان الناس ينظرون بعين الغرابة إلى من يرتدي الزي الشعبي سابقا، ولكنه أصبح واسع الانتشار بعد بداية الأزمة، لأنها دفعت الأوكرانيين إلى التمسك بالتاريخ والثقافة، التي شوهها السوفييت سابقا، وروسيا من بعدهم"، على حد قوله.
"البس الفيشيفانكا واحم أوكرانيا" هتاف ردده المشاركون كثيرا يوم الأمس، وعنه قالت السيدة أولغا للجزيرة نت: "كل ثقافة تضم كثيرا من ألوان الفن التي تعبر عنها، والزي الشعبي واحد من أبرز رموز ثقافتنا الأوكرانية".
وتابعت: "أوكرانيا الآن تمر بمرحلة علينا فيها أن نحدد هويتنا ونتمسك بها، والزي الشعبي عامل من عوامل التمسك بالهوية وحصانتها، وفيها تعبير عن الانتماء لهذه الأمة والفخر بها".
أما الشاب سيرهي فقال: "الأزمة مع روسيا قربتنا من بعض كأبناء شعب، بعد أن كنا مشغولين بالحياة والعمل والدراسة فقط، وأبرزت حقيقة أننا مختلفون بالعادات وحتى بالملامح عن الروس. يصعب علي التعبير عن مشاعري في هذا اليوم، فهو عيد بالنسبة لي، وأنا من أسرة متمسكة بهويتها، وفخورة بها".
هذا وقد شهدت المسيرة في نهايتها حفلة غنائية شاركت فيها الكثير من فرق الغناء والرقص الشعبية، ومنها فرق لأطفال تتار القرم، الذين مثلوا ثقافتهم واستعرضوا أزيائهم الشعبية الخاصة بهم، كواحدة من أزياء قوميات كثيرة تعيش على الأراضي الأوكرانية.
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022