عقدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون محادثات مع موسكو اليوم الأربعاء في مقرّ حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، لمحاولة تجنيب المنطقة ما تعدّه واشنطن تهديدا روسيا باجتياح أوكرانيا، غير أن موسكو لم تُبدِ أي علامات تهدئة في هذه المرحلة.
ووافقت موسكو على إعادة إحياء مجلس "ناتو-روسيا"؛ وهو هيئة استشارية أُنشئت عام 2002 وعُلّقت أعمالها في يوليو/تموز 2019.
وحصلت محادثات بين روسيا وحلف الناتو في 2019، لكن التعاون العملي بين الفريقين توقف في 2014 بعد غزو روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية وضمّها إليها.
وسُحبت البعثة الدبلوماسية الروسية لدى الناتو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد طرد 8 أعضاء منها تشتبه القوى الغربية في قيامهم بالتجسس.
واستقبل ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ألكسندر غروشكو نائب وزير الخارجية الروسي في مقر الحلف لمحاولة نزع فتيل أسوأ التوترات بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، والتي اشتعلت شرارتها بسبب المواجهة حول أوكرانيا، التي تقول الولايات المتحدة إن روسيا تستعد لغزوها.
وترفض موسكو هذه الاتهامات، رغم أنها تحشد قواتها بالقرب من الحدود الأوكرانية.
وشارك في محادثات مجلس ناتو-روسيا سفراء ووزراء حلف الأطلسي ووفد روسي بقيادة غروشكو. وهذه أرفع محاولة تتم في حلف الأطلسي لتحويل الصراع العسكري المحتمل بسبب أوكرانيا إلى عملية سياسية ودبلوماسية.
وأكد الأمين العام لحلف الناتو أن اجتماع مجلس الحلف وروسيا كان مفيدا، معترفا بوجود اختلافات كبيرة مع روسيا، وأعلن أن أعضاء الحلف اتفقوا على عقد لقاء آخر مع روسيا.
لحظة الحقيقة
ووصف غروشكو الاجتماع بأنه "لحظة الحقيقة" في العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
ومثّلت ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأميركي الولايات المتحدة، في حين أرسلت فرنسا فرانسوا دولاتر وهو المدير العام لوزارة الخارجية الفرنسية.
وأعلمت شيرمان أمس الثلاثاء ممثلي الدول الثلاثين الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بفحوى المفاوضات التي أجرتها في جنيف مع سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي.
وقالت إنها أوضحت لروسيا أنها إذا قامت بغزو أوكرانيا فإنه ستكون هناك تكلفة كبيرة، موضحة أن الانضمام لحلف الناتو حق سيادي لأي دولة تقرر ذلك.
وذكرت أن "واشنطن تؤمن مع حلفائنا في الناتو بأن هناك مجالات يمكن التعاون فيها مع روسيا".
وقال ممثل عن إحدى الدول الأوروبية لوكالة الصحافة الفرنسية "ليس هناك سبب للتفاؤل، إلا أن الروس ملتزمون جديًّا بالمسار الدبلوماسي".
لا حسم
ولم تكن محادثات جنيف حاسمة، حيث بقي الروس والأميركيون متمسّكين بمواقفهم.
وكانت روسيا طالبت واشنطن وحلفاcها بتطمينات واسعة النطاق، بما في ذلك ضمانات ملموسة بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
وأوضحت السفيرة الأميركية الجديدة في حلف شمال الأطلسي جوليان سميث أن الولايات المتحدة لم تقدم أي تنازلات لكنها صاغت مقترحات للحدّ من مخاطر الصراع والشروع في نزع الأسلحة التقليدية والنووية.
وأكّدت واشنطن لموسكو أنها لا تنوي نشر أسلحة هجومية في أوكرانيا، لكنها نفت أن تكون لديها نيّة لنزع السلاح في أوروبا، حسب ما أكّده الدبلوماسي الأوروبي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنه "لا يزال من المبكر جدًّا لنقول إذا كان الروس جدّيين أم لا في المسار الدبلوماسي، أو إذا كانوا مستعدّين للتفاوض بشكل جدّي".
وتابعت "إن علاقة حلف شمال الأطلسي مع أوكرانيا مسألة لا تعني إلا أوكرانيا والحلفاء الثلاثين ضمن الناتو، ولا تعني الدول الأخرى".
وسعت شيرمان أمس الثلاثاء إلى تهدئة استياء الأوروبيين إزاء تركهم على الهامش، وأكدت أنه لن تمرّ أي مسألة متعلّقة بالأمن في أوروبا من دون مشاركة الأوروبيين، حسب ما أفاد به الدبلوماسي الأوروبي.
تحذير أوروبي
وحذّر مسؤول السياسات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل -في منشور على مدوّنته- من أن روسيا تريد "إعادة تشكيل الكتلة الجيوسياسية السوفياتية في أوروبا، وتحاول الفصل بين الولايات المتحدة وأوروبا، ومن الواضح أن هذه الأهداف غير مقبولة".
وقال غروشكو قبل اللقاء "سنضغط من أجل نيل ردّ ملموس وجوهري، مادة تلو الأخرى، على مشروع الاتفاق الروسي حول الضمانات".
وأكّد بوريل أن دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في حلف شمال الأطلسي يجب أن تكون لديها "مواقف واضحة" في المحادثات حول هندسة أمن أوروبا، و"علينا أن نصوغ ردّنا في حال نفّذت روسيا تهديداتها ضد أوكرانيا".
وأشار بوريل إلى "عقوبات منسّقة" وخطوات أخرى غير محدّدة. وقال "نحن لسنا تحالفًا عسكريًا، بل لدينا الوسائل لتعزيز مصالحنا الأمنية ومصالح شركائنا".
الكرملين "مستاء"
ويبدي الكرملين استياءه الشديد إزاء توسع الناتو شرقا إلى دائرة النفوذ السوفياتي القديم، ويرى أن أدوات الردع العسكري للتحالف الذي تقوده واشنطن تشكل تهديدا لروسيا.
ونفذت موسكو تدريبات بالذخيرة الحية شاركت فيها قوات ودبابات قرب الحدود الأوكرانية أمس الثلاثاء، في الوقت الذي أبدت فيه تشاؤمها إزاء مزيد من المحادثات مع الولايات المتحدة.
وقال غروشكو إن بلاده تريد تحاشي المواجهة، بينما قال زميله سيرغي ريابكوف -الذي أجرى محادثات مع الولايات المتحدة في جنيف لكنه لم يتوجه إلى بروكسل- إنه لا يمكن السماح بانضمام أوكرانيا لحلف الأطلسي.
ولا توجد خطط حالية لدى الحلف لضم أوكرانيا، لكنه يقول إنه لا يمكن لروسيا أن تملي عليه علاقاته مع دول أخرى ذات سيادة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
وكالات - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022