بين قديمها وجديدها.. تعرف على العوامل المؤثرة في انتخابات أوكرانيا…

إحدى الدعايات الانتخابية للرئيس الأوكراني الحالي بيترو بوروشينكو
نسخة للطباعة2019.03.12

صفوان جولاق - رئيس التحرير

كثيرة هي العوامل التي تلعب أدوارا في سير ونتائج أي انتخابات أوكرانية، وتلعب على وترها بالمقابل برامج وتصريحات المرشحين؛ بل إن هذه العوامل كانت -ولا تزال- أساسا وإطارا لا تتجاوزه غالبا البرامج والوعود الانتخابية.

من هذه العوامل ما هو قديم باق، لكن تأثيرها قد يختلف بحسب المرحلة التي تمر بها البلاد، ومنها ما هو جديد، فرضته متغيرات المشهد الأوكراني خلال الأعوام الخمس الماضية.

الديموغرافيا

من أبرز هذه العوامل وأقدمها توزع الأقاليم جغرافيا، وما يرتبط بهذا التوزع من عوامل أخرى، كالثقافة واللغة والروابط الاجتماعية.

من المعروف أن المناطق الجنوبية والشرقية المتاخمة للحدود مع روسيا كانت قبل أحداث "ثورة الكرامة" وما تبعها في 2013 و2014، كانت أكثر المناطق الداعمة للمرشحين الموالين لروسيا، أو المحسوبين عليها، إن صح التعبير.

هناك، اللغة الروسية هي الأوسع انتشارا وتداولا، وتنحدر نسبة كبيرة من السكان من أصول روسية، إضافة إلى الروابط الاجتماعية والاقتصادية مع روسيا، التي كانت تميز تلك المناطق عن غيرها.

ضم القرم إلى روسيا في الجنوب، واشتعال الحرب ضد الموالين لروسيا في الشرق، غير نتيجة هذه المعادلة لصالح الموالين للغرب، بعد أن فقد الموالون للشرق الروسي أصوات ما لا يقل عن 3.5 مليون نسمة تقريبا.

ولعل هذا السبب كان وراء انسحاب المرشح يفهيني مورايف قبل أيام، وهو ابن الشرق الذي نادى بإعادة صفة الرسمية إلى اللغة الروسية، في حين يجتهد باقي المرشحون بالتأكيد على أنهم لن يحاربوا متحدثيها، طمأنة وكسبا لأصواتهم، على ما يبدو.

للجزيرة نت، قال المحلل السياسي أوليكساندر بالي إن أي انتخابات بعد 2014 لن تأت إلى رأس السلطة برئيس موال لروسيا، أو بأغلبية موالية لها في البرلمان.

الأعمار و"التقاعد"

ولا شك أن فئة الشباب عامل يرجح كفة غربيي الميول في أوكرانيا، الذين يرفعون شعارات التقارب والعضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو"، بعد تحقيق معاييرهم المتقدمة في شتى المجالات.

ثورة "الكرامة" كانت تسمى محليا باحتجاجات "اليورو ميدان" قبل أن تتحول إلى مواجهة دموية، وكانت فئة الشباب الأبرز فيها، وخاصة من الطلاب، ومن معظم المناطق.

أما كبار السن، فيميلون -بحسب المناطق- إلى الموالين لروسيا، أو إلى الحياد، خاصة وأن الغرب و"صندوق النقد" يطالبون بإصلاحات تتعلق برفع سن التقاعد والحد من نظامه الموروث عن اشتراكية الاتحاد السوفييتي.

وهنا أيضا، يلعب المرشحون على وتر حاجة المتقاعدين إلى عيش مستقر يضمن ما تبقى لهم من حياة، ولعل أبرزهم في انتخابات الرئاسة 2019 هو زعيم الحزب الراديكالي أوليغ لياشكو، الذي تنتشر صوره مع المتقاعدين، ويسوق نفسه كـ"رئيس شعبي".

مصادر الغاز

أما الغاز، فحاجة مشتركة للشعب والحكومات المتعاقبة، لطالما كانت عامل نجاح للموالين لروسيا، ترفع بها أسهمهم قبيل أي انتخابات، وتعطيهم الضوء الأخضر للتأكيد على أن أسعار الغاز ستتراجع لا محالة.

اختلف تأثير هذا العامل اليوم في أوكرانيا، بعد أن تحولت البلاد إلى استيراد الغاز الروسي "رجعيا" من دول أوروبية يصلها، وبأسعار تقل عن الاستيراد المباشر.

الغاز هو عصب الاقتصاد والمواصلات والتدفئة في أوكرانيا، ولهذا تركز حملات بعض المرشحين عليه، متعهدة بخفض أسعاره بنسب قياسية، تصل حد اللامنطق.

زعيمة حزب الوطن يوليا تيموشينكو تعهدت بخفض أسعار الغاز إلى النصف (إلى ما يعادل ربع دولار تقريبا)، بينما يتعهد سيرهي كابلين زعيم "حزب البسطاء" بخفض الأسعار إلى ربع ما هي عليه الآن.

الحرب والأمن

واقع الحرب في مناطق الشرق عامل جديد مؤثر في الانتخابات الأوكرانية، وقاسم مشترك يوحد جميع المرشحين، لكن كلا منهم ينظر إليه من زاوية مختلفة.

حزب "الكتلة المعارضة"، الذي يعتبر من بقايا النظام السابق الموالي لروسيا، يرفع شعار "السلام"، ويروج إلى الحوار مع موسكو، الذي يرى فيها سبيلا وحيدا وأقل كلفة لإنهاء الحرب.

أما غربيون الميول، وهم يمثلون الغالبية حاليا، فيرون في التقارب مع الناتو والحصول على مساعدته ومساعدات الولايات المتحدة وسيلة لإيقاف عدوان روسيا، وعدم توسعها أو تجميد الصراع معها.

يفاخر الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو ببناء جيش قوي خلال الأعوام الأخيرة كما يقول، وباستحداث أجهزة أمنية "مخلصة ومهنية"، كجهاز الحرس الوطني، وجهاز الشرطة الجديد.

الانفتاح والحريات

من العوامل الجديدة المؤثرة -دون شك- في آراء الناخبين تأتي الحريات وحقيقة الانفتاح الذي وصلت إليه أوكرانيا مع دول الاتحاد الأوروبي والكثير من دول العالم.

حريات داخلية دون قيود تذكر، واتفاقيات لإلغاء نظام التأشيرة، وللتجارة الحرة مع عدة دول وأسواق عالمية، فتحت للأوكرانيين متنفسا للحركة وآفاقا لعمليات التصدير بعد إغلاق الأسواق الروسية.

الرئيس بوروشينكو في حملته يركز على هذا "الإنجاز" وينسبه لنفسه، بينما تؤكد تيموشينكو أنها ستسير على "وجهة جديدة لأوكرانيا"، تمثل في الحقيقة ذلك التقارب والانفتاح، وفق محللين.

الوجوه الجديدة

واللافت سابقا في انتخابات الرئاسة الأوكرانية أن معظم من كان يخوضها عمل سابقا في أروقة السياسة والاقتصاد، أو ترأس حزبا، أو كان من رجال الأعمال وفاحشي الثراء.

الانتخابات الرئاسية المقررة في 31 آذار مارس الجاري، كشفت عن وجوه جديدة لافتة، برزت في مجال الطب والسياحة و حتى الكوميديا، وكان هذا عاملا في تقدم شعبيتها.

من أبرز المرشحين (غير المألوفين) الفنان الكوميدي فولوديمير زيلينسكي، الذي يحظى بأكبر شعبية في بعض استطلاعات الرأي، الأمر الذي فسره في حديث مع الجزيرة نت سيرهي بانتشينكو رئيس مركز "سوتسوبوليس" للدراسات الاجتماعية، فسره بالقول إنه "لا علاقة سابقة لزيلينسكي بعالم الثراء والفساد السياسي…".

اللامركزية

ومن العوامل الجديدة التي ستؤثر -على الأرجح- في نتائج الانتخابات المقبلة، تطبيق قانون اللامركزية في أوكرانيا، وانتهاء نظام الاعتماد على السلطات في العاصمة، أو في الإدارات الإقليمية.

قانون اللامركزية يفرض التعيين وفقا لنتائج عمليات انتخابية، حتى في إدارات القرى النائية، ما يعني أن كبار المسؤولين لن يضمنوا تصويت صغارهم والموظفين من باب ضمان البقاء وإثبات الولاء.

في هذا حقيقة أدركتها -على ما يبدو- يوليا تيموشينكو زعيمة حزب الوطن، التي بدأت فعليا حملتها الانتخابية قبل نحو عام كامل، من خلال مراكز وحملات خدمية في المدن وأحيائها، رفعت شعبيتها إلى مستويات متقدمة ومنافسة، بعد تراجع غير مسبوق.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

الجزيرة

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022