فضيحة "فاغنرغيت".. هكذا خططت أوكرانيا للقبض على 33 من مرتزقة روسيا

نسخة للطباعة2021.11.19

ظلت قضية التجسس التي تتعلق بمحاولة اختطاف 33 من المرتزقة الروس من قبل المخابرات الأوكرانية على خلفية الصدام بين أوكرانيا وروسيا غامضة الملامح، وتحولت إلى قضية سياسية خطيرة بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى أن ظهر تحقيق مطول نشرته -أمس الأربعاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني- مجموعة التحقيق "بيلينغكات" (Bellingcat).

وقالت صحيفة "لا كروا" (La Croix) الفرنسية في تقرير لها إن مجموعة التحقيق بيلينغكات كشفت خفايا فشل إحدى أكثر عمليات التجسس الحديثة جرأة، وهي العملية التي أطلقت عليها وسائل الإعلام الأوكرانية "فاغنرغيت"، في إشارة إلى أشهر شركة عسكرية خاصة في روسيا.

عملية غامضة

بدأت فاغنرغيت -كما تقول الصحيفة- يوم 29 يوليو/تموز 2020 باعتقال 33 من المرتزقة الروس في مصحة غير بعيدة عن العاصمة البيلاروسية مينسك، وقالت حينها الحكومة البيلاروسية إنها أحبطت مؤامرة أجنبية تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد قبل الانتخابات الرئاسية.

ولكن سرعان ما بدأت شائعة تسري في أوكرانيا المجاورة وتتضخم، مفادها أن المرتزقة الروس الذين حارب بعضهم في شرق أوكرانيا، قد استدرجتهم المخابرات الأوكرانية إلى بيلاروسيا على نية توقيفهم عن طريق اعتراض رحلة مينسك-إسطنبول التي كانوا سيستقلونها، غير أن الجاسوس الروسي الذي تم زرعه في أعلى مراتب جهاز الدولة الأوكراني -كما يقال- أدى في النهاية إلى إحباط العملية.

وتجمع هذه القصة -حسب تعليق الصحيفة- بين الإيحاءات الوطنية لعملية جريئة للغاية واتهامات بالخيانة لرئيس غالبا ما تتهمه المعارضة بالافتقار إلى الشجاعة في مواجهة روسيا، وهكذا تبقى تفاصيل القضية غامضة، وتضيع بين صفحات التصفية السياسية والنفي الغاضب.

وبالتعاون مع وسائل الإعلام الروسية، كشف تحقيق جديد أجرته مجموعة بيلينغكات الاستقصائية -التي حققت سابقا في تحطم الرحلة "إم إتش 17" (MH17) فوق أوكرانيا عام 2014، وفي تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني أغسطس/آب 2020- جانبا من خفايا ما كانت عملية تجسس تبين أنها كانت طموحة للغاية.

خطة طموحة

وتبين -حسب الصحيفة- من هذا التحقيق الطويل الذي يناهز 30 صفحة ومما تضمنه من مقابلات مع المشاركين في العملية، فضلا عن البيانات التي يمكن الوصول إليها مجانا، أن المخابرات العسكرية الأوكرانية قامت بالفعل بعملية معقدة كان هدفها اعتقال المرتزقة الذين قاتلوا إلى جانب الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا بين عامي 2014 و2020، الذين يُتهم بعضهم بأنهم ارتكبوا جرائم حرب.

وعن طريق تبني اسم شركة عسكرية روسية خاصة تم التخلي عنها منذ سنوات، تمكنت المخابرات الأوكرانية من إطلاق حملة تجنيد وهمية عام 2019، تلقت خلالها المئات من السير الذاتية التي لا تخلو من اعترافات، إذ يتفاخر أصحابها المترشحون للتوظيف أحيانا بصور ومقاطع فيديو تفيد قتالهم في منطقة دونباس الأوكرانية، وتبين أن معظمهم خدم سابقا تحت راية مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية روسية خاصة منتشرة في سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

وأوضحت الصحيفة أن كم المعلومات كان كافيا لإنجاح العملية، وبالتالي قررت المخابرات الأوكرانية عام 2020 اختراع مهمة لتأمين منشآت النفط الروسية في فنزويلا، وإليها كان سينقل المرتزقة في رحلة من مينسك مرورا بإسطنبول، لتتلقى الرحلة تهديدا كاذبا بوجود قنبلة عندما تكون الطائرة فوق أوكرانيا، وهكذا يتم اعتقال المرتزقة الروس بمجرد هبوط الطائرة في كييف.

وتمضي المرحلة الأولى من العملية بسلاسة؛ ووصل المرتزقة الـ33 إلى مينسك يوم 24 يوليو/تموز 2020، إلا أنهم لم يسافروا إلى إسطنبول بسبب اعتقال القوات الخاصة البيلاروسية لهم بعد 5 أيام، ليبدأ الجدل بسرعة حول الموضوع، حيث كشف الصحفي الأوكراني الشهير يوري بوتوسوف عن وجود العملية في أغسطس/آب 2020، واتهم حاشية الرئيس الأوكراني "بتسريب متعمد للمعلومات"، متحدثا عن "خيانة" في أعلى مستوى، مع أن تحقيق بيلينغكات يرى أن فشل العملية كان بالأحرى نتيجة ظروف خارجية ستدفع القيادة الأوكرانية إلى ارتكاب خطأ فادح.

توقيت كارثي

ونبه التحقيق إلى أن أوروبا الشرقية كانت مضطربة نهاية يوليو/تموز 2020، حيث يضع الدبلوماسيون الأوكرانيون والروس اللمسات الأخيرة لاتفاقية وقف إطلاق النار في منطقة دونباس، وفي بيلاروسيا، كان الرئيس ألكسندر لوكاشينكو يراقب بقلق متزايد اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في التاسع من أغسطس/آب 2020، وهو متخوف من زعزعة الاستقرار قبل الانتخابات، ولا يستبعد أن يأتي ذلك من الأخ الأكبر الروسي.

وبالتحديد، في اليوم الذي حذر فيه لوكاشينكو عددا من الضباط من أن "القوى الخارجية" يمكن أن تحاول خلق ثورة باستخدام "جنود محترفين"، يوم 24 يوليو/تموز 2020، عبر 33 مرتزقا روسيا بالحافلة حدود روسيا وبيلاروسيا، وقد تمكنت أجهزة الأمن البيلاروسية من اعتقال المرتزقة الروس، وبالتالي انتهت العملية، حسب تحقيق بيلينغكات.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

الجزيرة

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022