إرث أوكرانيا السوفييتي يؤثر سلبا على جهود مكافحة كورونا

مصابون بكورونا في مستشفى بمدينة لفيف غرب أوكرانيا
نسخة للطباعة2021.10.06

تشهد أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً في حالات الإصابة بفيروس كورونا والوفيات الناتجة عنه، في ظل معدلات تطعيم منخفضة مقارنة بأماكن أخرى في أوروبا، ما يولد مخاوف من خريف صعب، مع شبح عمليات إغلاق جديدة يحوم في الأفق.

تجاوزت أعداد الإصابات اليومية 12000 حالة في أوائل أكتوبر، في أعلى حصيلة تشهدها البلاد منذ الربيع الفائت.

بدأت أوكرانيا حملة التطعيم في وقت متأخر عن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، و لم تلقح سوى 14٪ من سكانها، في حين أن النسبة في الاتحاد الأوروبي تقدر بحوالي 63٪، و 52٪ في أوروبا.

وزارة الصحة الأوكرانية أصدرت بياناً، قالت فيه إن 98٪ ممن أدخلوا المستشفى خلال الأشهر الثلاثة الماضية هم من غير الملقحين.

ما سر انخفاض معدل التطعيم في أوكرانيا؟

يقول بافلو فيدورتشينكو كوتويف، رئيس قسم علم الاجتماع في معهد "إيغور سيكورسكي" للفنون التطبيقية، إن هناك أسباباً عدة لانخفاض معدلات التطعيم في أوكرانيا.

وانتقد كوتويف الحكومة، من بين أمور أخرى، لسرعة موافقتها على اللقاح، وتوازي فشلها بضمان تأمينه بشكل كاف للناس، وهذا برأيه ما خلق شكوكاً لدى الناس حول مدى سوء المرض فعلاً كما "تخبرهم الحكومة".

حددت الحكومة الأوكرانية أهدافاً غير واقعية لحملة التطعيم في بداية الوباء، وفق كوتويف، حيث ألحت على الناس لإقناعهم بأهمية التطعيم بينما فشلت في توفير اللقاحات، مضيفاً أن السياسيين المعارضين حاولوا أيضاً استغلال الأزمة وزرع الانقسام.

في مارس، وجد المعهد الديمقراطي الوطني أن 46 % من الأوكرانيين يرفضون تلقي اللقاح إذا عرض عليهم. ومع ذلك، قد يفكر ثلثهم في الحصول على اللقاح، إذا زُودوا بمعلومات أكثر حول اللقاحات ومدى سلامتها.

في أبريل، وجد معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع أن 52.2% من الأوكرانيين لا يريدون تلقي اللقاح. 

عند سؤالهم عن السبب، قال 40% إن اللقاحات لم تختبر بشكل كافٍ، و33% قالوا إنهم لا يثقون في اللقاحات المتوفرة في أوكرانيا، بينما يعتقد 20 % أن الآثار الجانبية للقاح يمكن أن تكون أسوأ من الفيروس نفسه.

لماذا يرفض الأوكرانيون التطعيم؟

تقول منظمة الصحة العالمية إن الملايين من الناس تلقوا لقاح كوفيد-19 بأمان أن اللقاحات اختبرت بعناية.

رغم ذلك، تسود في شوارع العاصمة كييف حالة من القلق من اللقاحات تصل حد مناهضتها.

يقول رومان شيوتا، 32 عاما: "يموت الناس بسبب اللقاحات التي تحاول الحكومة إجبارنا على أخذها، إنها أساليب هتلر. لن أتلقى اللقاح".

أما سفيتلانا يانكوفا فقالت: "أنا ضد اللقاحات. هناك الكثير من المعلومات السلبية حول اللقاحات. لقد سمعت كيف يضر جهازك التناسلي، وأعتقد أنني سأكون أسوأ بعد اللقاح".

تقول الدكتورة لودميلا موسينا، من مكتب منظمة الصحة العالمية في أوروبا، والمتخصصة في الأمراض التي توفر اللقاحات وقاية منها، إنه لا يوجد دليل على أن لقاحات كوفيد-19 تؤثر على الخصوبة.

لماذا يشكك الأوكرانيون باللقاح؟

أشار فيدورتشينكو كوتويف إلى حالة عدم ثقة عامة في الحكومة والسلطة، وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بالأمن، على سبيل المثال، يعتمد الأوكرانيون على أنفسهم أو على أسرهم بدلاً من الدولة. وقال إن الأمر نفسه ينطبق على الجانب الصحي كذلك.

كما تطرق كوتويف إلى سبب "تاريخي" آخر يكمن وراء انخفاض مستويات الثقة في الحكومة، فقال: "أدت أحداث مثل تشيرنوبيل أثناء الاتحاد السوفيتي إلى جعل الناس أكثر ارتياباً بالحكومة. الناس ذوو النظرة الناقدة في أوكرانيا خلال نهاية الاتحاد السوفييتي كانوا يتجاهلون ببساطة أي شيء يرد في التقارير السوفييتية، وانعدام الثقة استمر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي".

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، شهد الناس كيف اغتنت قلة منهم وكيف أدت الخصخصة إلى ثراء فئة محدودة، وفقاً لكوتويف، الذي يضيف: "يواجه الناس صعوبة في الثقة بالسياسيين في بلد له مثل هذا التاريخ".

تقول رايسا إيفانينا، وهي بائعة سجائر في كييف، إنها تلقت اللقاح ولكنها تتفهم من يرفضون تلقيه، وانعدام ثقتهم بالحكومة. تلقت هي اللقاح حتى تتمكن من زيارة أختها المقيمة في ألمانيا.

أما كونستانتين بيريلين (60 عاماً)، فقرر تلقي اللقاح رغم سماعه الكثير من التشكيك. ويقول: "بالطبع هو خيار شخصي، لكني لا أفهم لماذا يرفض البعض تلقي اللقاح. في صغرنا حصلنا جميعاً على لقاحات للوقاية من الأمراض المختلفة. لم يسأل أحد لماذا وكيف ساعدت اللقاحات؟ نرى أننا بحاجة إلى القيام بشيء حيال هذا الفيروس، وفجأة، يشعر الناس بالقلق من تلقي اللقاح".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

يورونيوز

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022