مدرسة "تيلا كاري".. فن العمارة الإسلامية في أبهى صوره

ميدان ريجستان بمدينة سمرقند ويظهر في وسطها مدرسة تيلا كاري وعلى اليمين مدرسة سيردور وعلى اليسار مدرسة أولوغ بيك
نسخة للطباعة2021.08.20

د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة

تبوأت مدينة سمرقند مكانة كبيرة في عهد العباسيين والسامانيين، وكذلك في عهد تيمورلنك (1336-1405م) الذي جعلها عاصمة لدولته، وأصبحت سمرقند مركزا علميا وثقافيا وتجاريا عالميا في عهد خلفائه من بعده، خاصة في عهد حفيده العالم أولوغ بيك (1394-1449)، إذ انتشرت فيها المدارس والدور والقصور والأسواق والمشافي والحرف المتنوعة.

ومن مدارس سمرقند الشهيرة في أوزبكستان مدرسة "تيلّا كاري" الشرعية، وتعني التسمية المدرسة المطلية بالذهب، شُيّدت في وسط المدينة بميدان ريجستان بين مدرستي "أولوغ بيك" (1417-1420)، و"شير دور" (1619-1636) في الفترة بين عامي 1646-1660م، بأمر من حاكم سمرقند يلنكتوش بهادر (1578- 1656م) على أساسات خان كان مبنيا في نفس المكان.

دَرَسَ ودرّس في هذه المدرسة على مدار قرون عدد كبير من الأئمة والعلماء بحيث عدّة جامعة إسلامية لطلاب العلم من كل أنحاء آسيا الوسطى.

للمدرسة إيوان يحتوي على غرف للطلبة على جانبيه الشرقي والغربي، بينما يوجد المسجد في الجهة الجنوبية والذي تعلوه القبة، وفيه محراب من المرمر، ومن حيث التصميم العام يوجد تشابهٌ في الإيوان (المدخل الرئيسي) للمدرسة مع إيواني مدرستي "أولوغ بيك" و"شير دار" لكنه يتميَّز عنهما بفن معماري جذاب وبثروة في الألوان والزخارف.

اشتهرت مدرسة "تيللا كاري" بزخارفها وبلون قبتها الفيروزي، والجمع بين المقرنصات وزخارف الأشكال الهندسية والكتابات الخطية بخط الثلث، وكذلك الفسيفساء والمنمنات الدقيقة، وتبلغ مساحة مدخلها 70*70م، كما أن أبواب المدرسة من الخشب المزخرف والمرصع بالرخام. وقد مثّلت زخارفها تطور فن العمارة في القرن 17م.

كما أدّت المدرسة دور المسجد الجامع لفترة من الزمن ففيها مسجد مساحته  63* 22م إضافة إلى الصحن الواسع المكشوف الملحق بالمدرسة.

تضررت مدرسة "تيللا كاري" عموما وخاصة واجهتها الأمامية بعد زلزال قوي ضرب المنطقة عام 1817م، فتمّ تجديد وترميم بنائها عدة مرات في العام 1885م، ورممّت الواجهة الأمامية للمدرسة مع القبة بين عامي 1950- 1958م، وفي العام 1974م.

وكان لساحات المدرسة دورا في أحداث الصراع بين البلاشفة وحركات التحرر في وسط آسيا، فقد عُقدت في ساحاتها اجتماعات ومحاكمات سياسية وعسكرية، وفي العهد السوفيتي أغلقت وأهملت المدرسة ثم تحولت لمتحف.

سجلت مدرسة "تيللا كاري" في العام 2001م ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهي اليوم المدرسة متحف وأبرز معالم السياحة في سمرقند.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022