أوكرانيا تعود إلى طريق الانقسام والاضطراب

نسخة للطباعة2020.10.29
أليكساندر نازاروف - محلل سياسي روسي

في أوكرانيا، جرت نهاية الأسبوع الماضي انتخابات رؤساء بلديات وأعضاء مجالس المدن والمقاطعات والأقاليم، حيث تعرض حزب الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، لخسارة مدوية.

ربما كانت المفاجأة، والعنصر الرئيسي في هذه الانتخابات هو تجدد الانقسامات على أسس جغرافية في أوكرانيا. ففي غرب البلاد صوت الأوكرانيون لصالح "التضامن الأوروبي"، الذي استوعب القوى القومية والموالية للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، بينما صوت المواطنون في شرق وجنوب أوكرانيا لصالح "المنصة المعارضة"، التي تتبنى منهج استعادة العلاقات مع روسيا.

قبل عام 2014، دائما ما كان الانقسام هو السمة المزمنة في جميع الانتخابات الأوكرانية، حيث كانت الأجزاء الموالية للغرب، والموالية لروسيا متساوية تقريبا، وهو ما أدى إلى مسار سياسي يدور دوما في حلقة مفرغة. 

عادت أوكرانيا إلى حلقتها المفرغة القديمة في تغيير السلطة، والتي، وعلى الرغم من عدم جدواها في المضي قدما نحو أي شكل لاستقرار سياسي أو سياسة مستقرة، إلا أنها كانت تسهم بشكل ما في تبريد مشاعر العداء بين المعسكرين المتعارضين، عن طريق التناوب على تغيير الوجوه في السلطة،وبالتالي لم تسمح بانقسام البلاد.

أوكرانيا تشبه لبنان، فهي محكوم عليها عمليا بإعادة الإنتاج الذاتي لنفس النموذج السياسي، وهو طريق حتمي نحو الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة ثم التمرد والثورة.

أوكرانيا، في نهاية المطاف، هي دولة مصطنعة، لم تتشكل من خلال عملية استمرت لقرون، وإنما نشأت بالصدفة مع انهيار الاتحاد السوفيتي، عندما أصبحت الحدود الداخلية، التي لم يكن لها أهمية في يوم من الأيام، حدودا دولية. 

معظم أراضي أوكرانيا هي الأراضي التي ضمها إليها بسخاء القياصرة، وبعدهم البلاشفة الروس. ولسوء الحظ، لم يكن الشعب الأوكراني أبدا أمة قادرة على أن تشكل أمة موحّدة، ولا يمتلك المهارة أو العقلية التي تؤهله لإنشاء دولة متعددة الأعراق، من أجل سياسة سلمية مع الأقليات القومية. 

في ضوء ما سبق، أعتقد أن أوكرانيا لم تقطع شوطا طويلا حتى الآن للحصول على نموذج مستقر للدولة، ولا يزال أمامها أكثر من ثورة وانقسام إقليمي آخر. 

قد يكون محتملا أن تظل داخل حدودها الحالية، إذا ما توحدت مع روسيا في شكل من أشكال الاتحاد، ولكن طالما كان الغرب قويا في تدخلاته في الشأن الداخلي الأوكراني، فمن غير المرجح حدوث ذلك. 

حتى الآن، يبدو المسار الاستراتيجي لأوكرانيا هو التحول النهائي إلى دولة فاشلة، مع مزيد من التفكك المحتمل.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

روسيا اليوم (بتصرف)

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022