الطلاب العرب في المدن الأوكرانية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين

ميخائيل نعيمة من اليسار مع زميليه في سيمنار بولتافا الروحي ميخائيل إسكندر وإيليا خوري
نسخة للطباعة2020.05.05

د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة

حصلت روسيا القيصرية على امتيازات لحماية حقوق المسيحيين العرب في الأراضي الواقعة تحت حكم الدولة العثمانية بعد توقيع اتفاقية "كجك كينارجي" عام 1774 بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية. 

وبعد انتهاء الحرب الروسية – العثمانية (1877-1878م) زاد اهتمام ونفوذ روسيا القيصرية بالمشرق العربي، وقد ظهر هذا النفوذ في مدن بلاد الشام من خلال شراء وبناء وترميم الأديرة والخانات والمستوصفات والمستشفيات ثم الإشراف على وفود الحجيج المسيحيين الروس لفلسطين وسيناء وتنظيم شؤونهم، وكذلك قامت الإمبراطورية الروسية ببناء المدارس التعليمية والتبشيرية الأرثوذكسية في فلسطين وسوريا ولبنان وتأسيس جمعيات وبعثات دينية وثقافية، ثم أرسلت الطلاب المتفوقون في مدارسها في المدن العربية ببعثات دراسية مجانية للجامعات الروسية.

وأنشأت رسميا وزارة الخارجية الروسية عام 1883م، قسماً لتعليم اللغات الشرقية في الدائرة الآسيوية التابعة للوزارة، دُرّست فيه اللغات: العربية والفارسية والتركية بهدف إعداد مستشرقين وخبراء ودبلوماسيين متخصصين للتعامل مع الشعوب والبلاد العربية والإسلامية.

وفي عام 1910م تم تسجيل أكثر من 100 مدرسة، ومعهدين اثنين للتربية ومدرسة مهنية، إضافة للملاجئ والمستشفيات والفنادق وورشات التصليح، وكذلك تم إصدار الكتب باللغة الروسية على الأراضي السورية واللبنانية والفلسطينية.

ووصل الأمر أن قررت الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية عام 1913م افتتاح جامعة روسية كبرى –(على غرار الجامعتين اليسوعية والأمريكية)- في مدينة بيروت، ولكن المشروع توقف بسبب قيام الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م.

وبدأ قدوم الطلاب العرب للدراسة في جامعات ومعاهد المدن الأوكرانية مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وبداية القرن العشرين، والعلوم التي درسها الطلبة العرب هناك هي علوم الديانة المسيحية، والعلوم العسكرية، والطب، واللغة الروسي.

 بين عامي 1809- 1834م درس في "جامعة خاركوف الإمبراطورية"  26 طالب عثماني بينهم طلبة عرب، كذلك نجد الطالب توفيق كوزما من فلسطين والذي ابتعث عام 1895م للدراسة في روسيا لتفوقه في السيمنار الروسي (دار المعلمين) في الناصرة، وقد درس في أكاديمية العلوم الدينية في مدينة كييف ثم أصبح مدرّسا للغة العربية في كلية الاستشراق بمدينة كييف برتبة بروفيسور.

وكذلك الأديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة (1889- 1988) الذي أرسل من قِبَل "الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية" للدراسة في الكلية الدينية الأرثوذكسية في مدينة بولتافا بأوكرانيا بين عامي 1905-1911م. وكذلك درس مع نعيمة في بولتافا كل من: ميخائيل إسكندر وإيليا خوري.

نلاحظ أن الطلاب العرب الوافدين للدراسة في المدن الأوكرانية هم من المسيحيين العرب ومن خريجي المدارس والمعاهد الروسية في بلاد الشام، وكان لهؤلاء الطلبة أفكارا سياسية معارضة للدولة العثمانية، ولديهم نزعة في الدعوة لاستقلال البلدان العربية عن الدولة العثمانية.

كما نلحظ أن روسية القيصرية سعت من خلال تدريس الطلبة العرب في ذلك الوقت إلى إيجاد من يمثل الفكر والسياسة والثقافة الروسية في البلاد العربية أسوة بأنشطة وسياسات بعض الدول وخاصة فرنسا وبريطانيا.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022