على حساب "المبادئ".. لماذا يغازل ماكرون روسيا؟

نسخة للطباعة2020.03.03

جودي ديمبسي - رئيسة الباحثين في مركز كارنيجي الأوروبي - رئيس تحرير مدونة "أوروبا الاستراتيجية"

محاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبدء حوار مع موسكو تبقى بلا رد. يلعب ماكرون دورا رائدا في أوروبا لوضع  استراتيجية جديدة للعلاقات مع روسيا، وهدفه، إنهاء إبعاد الاتحاد الروسي وعزلته.

يؤمن الرئيس الفرنسي بأن موسكو ضرورية لضمان أمن أوروبا. دون التعاون مع الجار الكبير، لا يمكن حماية الاتحاد الأوروبي. لهذا تحديدا، من المجدي إنشاء نظام معين يمكن أن يضم روسيا.

طرح الكرملين وألمانيا مثل هذه المبادرة منذ فترة طويلة، غير أن معظم دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو عارضوها، ظانين أن هذا سيمكن موسكو من إلحاق الضرر بالتحالف العابر للأطلسي؛ فمحاولات تقسيم الحلف وإضعاف علاقات أوروبا مع الولايات المتحدة جزء من سياسة الكرملين.

يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يستخدم بسهولة استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "أمريكا قبل كل شيء"، التي انتقد من خلالها مرارا الاتحاد الأوروبي بسبب الطريقة التي يدير بها الممارسة التجارية والتنافسية.

يرى ماكرون أنه في ظل إدارة ترامب، لم تعد أوروبا قادرة على قبول الحماية الأمريكية كأمر مسلم به. هذه الحجة لا يمكنها تحمل النقد، إذا أخذنا في الإعتبار الموارد التي يقدمها البنتاغون لتوفير الأمن والدفاع في دول البلطيق.

رغم أن ماكرون انتقد الناتو كمنظمة عسكرية و سياسية، عندما قال إنه "في غيبوبة"، ولكن هذا يبدو له فقط، إذ أن لدى المجتمع رأي مختلف حول التحالف.

يشير تقرير حديث صادر عن مركز "بيو" للأبحاث حول العلاقات مع الناتو إلى أن سكان الدول الأعضاء واثقون من أن الولايات المتحدة سوف تستخدم القوات المسلحة لحماية حلفاء الناتو من روسيا.  يرى 60% ممن شملهم الاستطلاع أن الولايات المتحدة ستدافع عن حليفها، بينما يرى 29% عكس ذلك.

محاولات ماكرون لبدء حوار مع روسيا تبقى دون إجابة لعدة أسباب...

أولا، هو لم يعلن إطلاقا شروط الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وأوروبا. من المفترض أن يركز الاتحاد الأوروبي على القيم، لكن ماكرون لم يتطرق إطلاقا في "حديثه" مع روسيا إلى موضوعات حقوق الإنسان و حرية الإعلام و التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون الاستقصائيون، ومحاولات تقويض سيادة القانون والسلامة الإقليمية للدول.

ثانياً، يتذكر بشكل انتقائي مبدأ السيادة الذي يدعمه في أوروبا. كان يكفي لماكرون أن ينظر إلى أوكرانيا، التي غزتها روسيا في عام 2014، وضمها شبه جزيرة القرم. قتل منذ ذلك الحين في الحرب الدائرة  أكثر من 10 آلاف مدني.

يبدو أن السيادة هي حق أو طموح حصري لأوروبا. ونظرا للطريقة التي يتنافس فيها اللاعبون السياديون في سوريا، يصعب علينا تصور كيف يمكن استعادة سيادة البلاد. وهي المشكلة التي غض النظر عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بصراحة عندما سئل عن ذلك في مؤتمر ميونيخ الأمني.

يتضح أن ماكرون يغازل روسيا، مدافعا ليس عن القيم، وإنما عن المصالح. ولكن هنا أيضا يوجد بعض التناقض. ما تفعله روسيا في أوكرانيا و سوريا يتعارض مع مصالح أوروبا. 

إن كانت ألعابه مبنية على أساس السياسة الواقعية، يمكن لماكرون الحصول على دعم الأوروبيين الآخرين فقط إذا أعطت موسكو شيئًا كمقابل. غير أنها لم تفعل ذلك حتى اللحظة.

الطريق الذي سلكه ماكرون هو طريق مسدود....

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - الإعلام المحلي

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022