بعد يومين من زيارته إلى كييف.. ماذا سيحمل بومبيو في جعبته؟

نسخة للطباعة2020.02.04
دينيس رافالسكي - موقع "سترانا"

خلال زيارته إلى كييف التي استغرقت يومين، بيّن وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو أولويات واشنطن في سياسة أوكرانيا الخارجية والداخلية. 

لجمهوره، الذي في جزئه الأكبر ينظر إلى أوكرانيا في سياق عزل الرئيس دونالد ترامب؛ كرر وزير الخارجية الأمريكي أن البيت الأبيض لا يمارس الضغط على كييف لتحقيق أهداف انتخابية في حملة الزعيم الأمريكي الذي يتطلع إلى إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة.

تساءل المحللون قبل وصول بومبيو إلى كييف عن مدى فعالية الزيارة على خلفية الضوضاء الدائرة حول أوكرانيا في المؤسسة الأمريكية.

شروط النجاح

النائب السابق لمدير إدارة الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو كوستانتين إليسييف، الذي أشرف على السياسة الخارجية، عدد عبر تويتر بعض الشروط، التي إذا ما تحققت، يمكن -برأيه- أن تعبر عن  نجاح زيارة وزير الخارجية.

ذكر إليسييف الشروط قائلا: "إذا أعلن عن تعيين سفير أمريكي جديد وممثل خاص جديد لوزارة الخارجية الأمريكية في أوكرانيا، وتأكد إمداد كييف بالأسلحة الأمريكية، وجرى الاتفاق على زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى البيت الأبيض، وأعيد إحياء عمل اللجنة الاستراتيجية الثنائية، وأعلن عن إدانة روسيا لتجاهلها اتفاقات مينسك".

لا إقحام لكييف

المتخصصة في الشؤون الأمريكية ألونا هيتمانشوك رأت أنه سيكون كافيا لمكتب الرئيس زيلينسكي عدم إقحام كييف في المعركة الانتخابية التي ستستعر في الولايات المتحدة.

الحديث يدور حول الحملة الدائرة ضد ترامب والهادفة لعزله، التي يقودها الحزب الديمقراطي خصم الرئيس الأمريكي بتهمة محاولة الضغط على الرئيس زيلينسكي لكي تكمل كييف التحقيقات المتعلقة بجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي والمنافس المحتمل لترامب في الانتخابات المقبلة.

تستمر في الوقت الحاضر مساءلة رئيس الولايات المتحدة، وهي مرحلة مهمة من نضال الديمقراطيين ضد ترامب، الذي مازال يحتفظ، رغم كل ما جرى، بفرصة كبيرة لإعادة انتخابه لولاية جديدة.

دعم وعقوبات

إذا ما حكمنا على زيارة بومبيو، فإن جدول اللقاءات الرسمية كان مكثفا. وعقد أهمها يوم الجمعة الموافق 31 كانون الثاني/يناير، حيث التقى بالرئيس زيلينسكي، ووزير الخارجية فاديم بريستايكو، ووزير الدفاع أندري زاهورودنيوك، ورئيس الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية إبيفانيوس، وممثلي المجتمع المدني.

بنيت مباحثات بومبيو مع المسؤولين الأوكرانيين على أن واشنطن ستواصل تقديم الدعم الكامل لكييف في نهجها نحو الناتو والاتحاد الأوروبي.

كرر هذا بومبيو أكثر من مرة، ربما بسبب ذلة اللسان التي وقع فيها عندما أجاب على سؤال الصحفيين حول السفيرة الأمريكية السابقة ماريا يوفانوفيتش متسائلا: "ومَن مِن الأمريكيين تهمه أوكرانيا؟".

كان العنوان الثاني هو استمرار العقوبات على روسيا حتى استعادة أوكرانيا سلامتها الإقليمية، بل وأكثر من ذلك استعدادهم لتوسيعها، والدليل على ذلك تبني الولايات المتحدة في 29 كانون ثاني/يناير عقوبات جديدة على شكل حزمة قيود فرضتها على عدد من أعضاء الإدارة الروسية في القرم، وشركات النقل التي تدير السكك الحديدية التي تربط روسيا مع شبه الجزيرة وإداراتها، بالإضافة إلى وقوع خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي 2" الهام لموسكو تحت ثقل العقوبات.

هم بالمقابل ينتظرون من كييف "المحافظة على ديناميكية الفعالية العالية للإصلاحات (أو ما تعتبره كذلك واشنطن)". 

قال وزير الخارجية الأمريكي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع زيلينسكي: "نحن نواصل دعمنا لأوكرانيا ودعم الجهود القوية لمكافحة الفساد. الولايات المتحدة تعمل الآن، بالطبع، على أن تطور أوكرانيا سيادة القانون  و مناخ الاستثمار وإصلاح قطاع الدفاع واستقلال الطاقة ومواصلة القيام بذلك". كما ورحب بومبيو بتعاون أوكرانيا مع صندوق النقد الدولي.

تعيين السفير

بيد أن وزير الخارجية الأمريكي لم يعلن عن تعيين سفير أمريكي جديد في أوكرانيا. وحول السؤال المتعلق بزيارة زيلينسكي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي ستكون الزيارة الرسمية الأولى للرئيس الأوكراني الحالي، أجاب متهربا، سنجد الوقت والفرصة المناسبة، وليس هناك أي شروط تمهيدية. أما زيلينسكي فقال للصحفيين إنه مستعد "غدا" للسفر إلى واشنطن، شرط أن يكون هناك فرصة للاتفاق "على شيء مهم للغاية ومفيد للبلدين".

قال زيلينسكي نفسه أنه لم يعيَّن بعد ممثل خاص جديد لوزارة الخارجية الأمريكية في أوكرانيا، معلنا عن اهتمام أوكرانيا بشراء الأسلحة الأمريكية، ودخول الاستثمارات على وجه الخصوص إلى قطاع البنية التحتية وقطاع النفط والغاز، وعبر عن أمله بأن تلغي السلطات الأمريكية رسوم الصلب المفروضة على المنتجين الأوكرانيين.

أما المحلل السياسي في موقع "سترانا" روسلان بورتنيك، فقال: "كرر زيلينسكي الكلام الذي أحب أن يكرره سلفه بيترو بوروشينكو، متحدثا عن توريد صواريخ "جافلين" الأمريكية المضادة للدبابات التي اشترتها أوكرانيا، ودعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي لكييف في الكونغرس، وما إلى ذلك. رغم أنه كان بإمكانه، مثلا، أن يطرح مسألة إلغاء التأشيرة للأوكرانيين".

كنيستنا!

المميز في زيارة بومبيو لقاءه مع رئيس الكنيسة الأرثوذكسية أبيفانيوس، وزيارته لكاتدرائية ميخايلو الذهبية الأعلى؛ بعد أن أعلن عن دعمه لهذا المشروع الديني خلال المؤتمر الصحفي.

يقول المحلل السياسي بورتنيك: "كانت تصرفات بومبيو دلالية، حيث ذكر عمدا أثناء المؤتمر الصحفي إعتراف الكنيستين الأرثوذكستيين بالكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، و كأنه يذكر بأن الإعتراف الدولي، الذي تاقت إليه الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، جاء بفضل واشنطن. 

أثناء لقائه بممثلي الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، وتعبيره عن دعمها دون القيادات الدينية الأخرى في البلاد، أشار وزير الخارجية الأمريكي إلى أن بلاده تعتبر الكنيسة الأوكرانية كنيستها، و"الكنيسة الصحيحة"، وأنه يجب على النخبة السياسية أن تدرك ذلك، و كان هذا بطبيعة الحال تدخل في الشؤون الداخلية لأوكرانيا.

كل شيء متوقع

بالمجمل لم تصدر من جانب زيلينسكي ولا بومبيو أية أشياء غير متوقعة، التي كان يأمل الصحفيون الأجانب سماعها، والأمريكيون خصوصا. كان كلاهما صحيحين للغاية في إجاباتهم على الأسئلة التي يمكن أن تضر إدارة ترامب.

يقول المحلل السياسي بورتنيك: "بومبيو ليس رجل ترامب. لذا، لن يطرح مواضيع زلقة في محادثاته مع زيلينسكي، وما تحدثا عنه وراء الكواليس سوف نعلمه من خطواتهم التالية. أعتقد أن الانتظار لن يكون طويلا". 

рالمقال يُعبر عن رأي الكاتب ولا يُعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس"

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - الإعلام المحلي

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022