النكبة الفلسطينية في ذكراها الـ65.. نكبة تنجب نكبات

النكبة الفلسطينية في ذكراها الـ65.. نكبة تنجب نكبات
في 15 أيار/مايو 1948 طرد الفلسطينيون عنوة من وطنهم ونهبت أملاكهم
نسخة للطباعة2013.05.13

كتبها د. فايز عمرو - كييف

تتجدد نكبة فلسطين في كل عام؛ تشكلت نكبة فلسطين في 15/05/1948م، وشكلت محطة سوداء قاتمة في التاريخ الدولي المعاصر، فمن جهة، تم طرد الفلسطينيين من وطنهم ونهبت أملاكهم ومن جهة ثانية، تشردوا في بقاع الأرض لمواجهة أصناف المعاناة والويلات كافة في تلك البلدان.

من المؤسف فإنّ المشهد الفلسطيني الراهن يمثل نكبة جديدة، ويعبّر عن أزمة وطنية متعددة الأوجه، وللإسرائيليين دور أساسي في تعميقها، ولكن للفلسطينيين مسؤولية أساسية فيما نحن عليه اليوم، وما آل إليه الانقسام، وعلينا مواجهة هذه الأزمة، عبر آلية "حوار وطني جدي" يشارك فيه الكل، ويتحمل مسؤولياته التاريخية والمصيرية إتجاه شعبه.

فعلى الفصائل الفلسطينية ألا تحتفل فقط بمهرجانات وفعاليات النكبة، وما يرافقها من شعارات وخطب رنانة، فشعبنا العظيم حفظ تلك الخطب عن ظهر قلب، بل عليها النهوض بالواقع الفلسطيني المؤلم والتمأزم والخطير.

ويكون ذلك بمراجعة شاملة لتحديد جوانب القصور والخطأ لمعالجتها، وتحمّل المسؤولية عما وقع من خطايا تنعكس على الشعب الفلسطيني.

ومن جانب آخر، فإن الفكر السياسي العربي خاصة بعد الثورات العربية بحاجة ماسة  للتأسيس لاستراجية جديدة  تقوم على اساس إيجاد حل لكي لا تتكرر في المستقبل، ونشر الوعي بين الشعوب، وأسبابها ونتائجها وكيفية تجاوزها في المستقبل، فعلى مدى السنوات الماضية ونحن نحيي ذكرى النكبة، والإسرائيليون يحيون استقلال دولتهم، هم يتقدمون ويزدادون توسعاً وقوة، ونحن نتراجع ونزداد ضعفاً وتفرقاً وتشرذماَ، وتمر السنوات وتتكرر المشاهد عاماً بعد عام، نكاد لا نتعلم شيئاً ولا نبحث عن نقاط القوة والضعف...، وظلت الخطابات تطير في فضاء الأرض المحتلة.

وبالرغم من ذلك، لم تتمكن كل أدوات الضغط على العرب أن تجعل من إسرائيل دولة مقبولة ومندمجة في المنطقة، فحالة العداء لم تسقط، والتطبيع لم يحصل، وحالة النسيان لم تتحقق.

وما زاد من صعوبة الموقف بالنسبة للمشروع الصهيوني أنه أخفق في جذب الكم الأغلب من يهود العالم للعيش في فلسطين المحتلة، وكما يقول اليهود: "اليهودي الجيد يعيش في أمريكا وأوروبا"، وجيش الاحتلال بات من النوع الذي يُقهر، وسقطت الدعاية الصهيونية التي حاولت إرهاب العرب والفلسطينيين بترويج مقولة التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي.

ولعل العلامة الأبرز في إمكانية استعادة الحقوق الفلسطينية هو فشل الاحتلال في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، فلقد تجذرت ثقافة الارتباط بالوطن من قبل أبناء الشعب الفلسطيني، ومثالها الصارخ فلسطينيو الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948، والإضراب الشامل للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وسامر العيساوي كان مثالاً حياً على كسر تلك الأسطورة، والذين أزعجوا المشروع الصهيوني بتمسكهم بالبقاء في فلسطين وعدم التخلّي عنها.

كما ثمة تحليلات إسرائيلية تشير إلى أنّ إسرائيل تسير نحو الانشقاق، نتيجة التناقضات التي نشأت معها منذ قيامها، لاسيما بين المتدينين والعلمانيين، واليهود الشرقيين والغربيين، والقوميين المتعصبين والليبراليين.

بل أنّ بعض دعاة السلام الإسرائيليين، يصفون إسرائيل بأنها "دولة احتلال" و"دولة قاتلة".

وهذا يعني أنّ النجاح الكامل للمشروع الصهيوني لم يكتمل بعد، على الرغم من مضي 65  عاماً على وقوع النكبة، فمازال يواصل عدوانه على الشعب الفلسطيني، الذي لم يركع ولم يستسلم للوقائع التي فرضتها إسرائيل وفرضتها نتائج النكبة المؤلمة، ومازال الشعب الفلسطيني يخوض نضاله الدؤوب بكل اشكاله من أجل تحقيق أهدافه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

إنّ تاريخ المنطقة، وهو تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ومتغيراته، وما سيكون في مستقبل آتٍ، فآليات ومسارات ونتائج هذا الصراع، في فصوله الجديدة وتوازناته، تؤسس للمستقبل على المدى المباشر والمتوسط والطويل.

لقد حان الوقت للانتهاء من آثار سنوات ثقيلة على العرب، إذ أصبح يتعين علينا أن نقف بموضوعية وواقعية، أمام عصر جديد وشركاء فاعلين فيه لا متفرجين سلبيين. وخصوصاً بعد قدوم الإسلاميين الى سدة الحكم،  بالرغم من الضعف وعدم الاستقرار في تلك البلدان، وآن الأوان ليعكس العرب إمكانياتهم الحقيقية على سياساتهم، حتى لا يعود من جديد شبح ذلك الماضي القريب الكئيب ليطل على الشعوب من جديد، وكي يتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله وبناء دولته المستقلة القابلة للحياة، وعاصمتها القدس الشريف.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022