بمقاطعة اليورو 2012.. الرياضة دواء لعلاج "أمراض السياسة" في أوكرانيا

بمقاطعة اليورو 2012.. الرياضة دواء لعلاج "أمراض السياسة" في أوكرانيا
اشتعلت شرارة الانتقادات الأوروبية بعد الحكم على يوليا تيموشينكو قبل أشهر بالسجن 7 سنين
نسخة للطباعة2012.05.22

لا تسير الرياح كما اشتهت سفينة النظام الأوكراني على ما يبدو، فسحر بطولة اليورو الذي أراد منه النظام تحسينا لصورة أوكرانيا وقدراتها انقلب عليه، وباتت البطولة منبرا لانتقاد أوكرانيا وإبراز عيوب حقوق الإنسان فيها.

واللافت أن حدة الانتقادات تتصاعد يوما بعد يوم، مع اقتراب موقع انطلاقة البطولة في 8 حزيران/يونيو المقبل، وهي انتقادات سياسية بالدرجة الأولى، صدرت عن الكثير من القادة الأوروبيين مؤخرا، ووصلت إلى حد التهديد بمقاطعة مباريات البطولة في أوكرانيا، التي تنظمها بالمشاركة مع بولندا.

تيموشينكو

واشتعلت شرارة الانتقادات بعد الحكم على رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو قبل أشهر بالسجن 7 سنين بتهمة سوء استغلال السلطة، في قضية اعتبرها الاتحاد الأوروبي مسيسة، تهدف إلى الضغط على المعارضة الأوكرانية، وإقصاء تيموشينكو ذات الميول الغربية التي دعمها كأبرز قادة الثورة البرتقالية في العام 2004.

لكن حدة الانتقادات زادت بسبب تدهور حالة تيموشينكو الصحية، وادعاءات بسوء معاملتها داخل السجن، وكذلك بعد أن أعلنت إضرابا مفتوحا عن الطعام منتصف الشهر الماضي، لأنها تعرضت للضرب من قبل حراس حاولوا نقلها بالعمد إلى المستشفى لتلقي العلاج، وهو علاج رفضته لعدم ثقتها بالأطباء المعينين من قبل النظام.

واستمر مسلسل الانتقادات حتى بعد أن أوقفت تيموشينكو إضرابها عن الطعام ووافقت على العلاج قبل نحو أسبوع بمساعدة طبيب ألماني، خاصة بعد نشر صور لها وللكدمات التي تعرضت لها داخل السجن، حيث أعلنت من جديد رفض العلاج احتجاجا على نشر تفاصيل حياتها الشخصية.

ولا تقتصر الانتقادات على قضية تيموشينكو فحسب، بل تتعداها لتشمل قضايا مسؤولين كبار في حكومتها السابقة، سجنوا أو هربوا وطلبوا اللجوء في عدة دول أوروبية.

ضغط سياسي

ومن بين المنتقدين والمقاطعين لزيارة أوكرانيا قبل وخلال البطولة تبرز المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي دعت وزراء حكومتها للمقاطعة أيضا، وأعضاء المفوضية الأوروبية، والرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس، بينما دعت رئيسة الوزراء الدنماركية هيل ثورنينج شميت إلى عدم الخلط بين السياسة والرياضة.

وألغت هذه المقاطعة الواسعة قمة كان من المقرر أن تعقد في مدينة يالتا الأوكرانية لقادة دول أوروبا الوسطى، كما ألغت توقيع اتفاق للشراكة السياسية بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.

وعلى الجانب الآخر اعتبر الرئيس الأوكراني يوم الأمس أن أوروبا تتعامل مع أوكرانيا "كما يتعامل المعلم مع تلاميذه"، رافضا بذلك الانتقادات، وداعيا إلى إجراء حوار شفاف ينهي الأزمة بين الجانبين.

واعتبر رئيس الوزراء ميكولا آزاروف أن السياسات الأوروبية تهدف إلى "إذلال الشعب الأوكراني" بالضغط عليه بعد أن صرف نحو 20 مليار دولار على استعدادات البطولة، مؤكدا أن "أوكرانيا لن تذل"، وأن قضية تيموشينكو من اختصاص القانون الأوكراني.

وحول هذا الشأن أشارت الكاتبة والمحللة السياسية آنّا دولهاريفنا إلى أن مقاطعة البطولات الرياضية سلاح استخدم عدة مرات للضغط السياسي، وفي بعضها نجح.

وكمثال قالت: "في العام 1936 عقد في العاصمة باريس مؤتمر دولي لحماية المبادئ الأولمبية، وأعلن عن عدم إمكانية إجراء الأولمبياد في الدولة الشمولية، وبعد ذلك بسنوات أزيلت من شوارع العاصمة برلين شعارات موجهة ضد اليهود، وهي شعارات كانت تهدد إجراء الأولمبياد فيها.

وقالت أيضا إن عدة دول قاطعت أولمبيادالصين في العام 2008، بسبب انتهاكها للحريات ومبادئ الديموقراطية، وقمع الحركة الانفصالية في التبت، ودعم "أنظمة استبدادية".

البطولة ستقام

وقد خرجت أصوات أوروبية عدة خلال الأسابيع القليلة الماضية، نادت بحرمان أوكرانيا من شرف استضافة البطولة، عقابا لها على انتهاك الحريات وحقوق الإنسان، ومنها أصوات المعارضة البولندية ومدربي عدة منتخبات أوروبية.

لكن قرب موعد انطلاقة البطولة وبيع معظم تذاكرها جعل من غير المنطقي طرح نقلها إلى دولة أخرى بدل أوكرانيا التي أعلنت إنهاء استعداداتها لاستضافتها، وهذا ما أكده مسؤولون في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، وأكده رئيس الاتحاد الأوكرانية للعبة هريهوري سوركيس.

ورغم أن إقامة البطولة في أوكرانيا قد حسم لصالحها، رأت دولهاريفنا أن أوكرانيا دخلت في عزلة سياسية ستزداد بعد البطولة، وسيكون لها تبعات على الاقتصاد والاستثمار فيها، وأن البطولة تحولت من مصدر فخر إلى  مصدر قلق بالغ لها.

واعتبرت أن قضية تيموشينكو، وعزم الساسة الأوروبيين المعلن حتى الآن على مقاطعة مباريات البطولة في أوكرانيا، يقطع على الأخيرة طريق العضوية في الاتحاد الأوروبي، والشركة معه.

أوكرانيا برس + الجزيرة نت

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022