مسجد يفباتوريا شاهد على الحقبة السوفيتية "بمئذنتين شيوعيتين" (صور)

مسجد يفباتوريا شاهد على الحقبة السوفيتية "بمئذنتين شيوعيتين"
المسجد يرمز إلى "حقبة النهضة الإسلامية" في القرم
نسخة للطباعة2012.11.30

يشتهر مسجد مدينة يفباتوريا في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا على البحر الأسود، يشتهر بين تتار القرم المسلمين باسم "مسجد المئذنتين الشيوعيتين" نسبة إلى مئذنتيه التي هدمهما الاتحاد السوفيتي السابق ثم أعاد بناءهما ليحول المسجد إلى متحف.

ويعتبر المسجد واحدا من أشهر وأبرز مساجد الإقليم الذي يعيش فيه نحو 500 تتري مسلم، لجمال وقدم وضخامة بنائه، الذي بناه المعماري المشهور الحاج سنان باشا في نهايات القرن السادس عشر على الطراز العثماني، مشابها لمسجد "آية صوفيا" (المسجد الأزرق) في مدينة اسطنبول التركية.

وكان يسمى "مسجد الجمعة" أو "المسجد الجامع" أو "مسجد الخان"، قبل أن يهدم الاتحاد السوفيتي أجزاء واسعة من مساحته البالغة 512 متر مربع، كما فعل مع معظم مساجد الإقليم بعيد تهجير التتار القسري إلى دول آسيا الوسطى وشمال روسيا في العام 1944م.

ولأسباب حضارية ودولية، رممت السلطات السوفيتية المسجد حفاظا على صورة الاتحاد، لتحوله إلى "متحف لتاريخ الإلحاد والأديان"، فغيرت الكثير من معالم بنائه الداخلية والخارجية، لكنها أعادت بناء مئذنتيه لترمزا إلى دين الإسلام، ومنهما أخذ المسجد اسمه أو لقبه الجديد.

وبعد استقلال أوكرانيا وانهيار الاتحاد في العام 1991، عاد المسجد إلى ملكية مسلمي القرم مجددا، ليقومون بإعادة ترميمه من جديد، معيدين إليه مظاهر الفن الإسلامي التي كان تميزه بجمالها، ومبقين على المئذنتين كشاهد على حقبة عملت على طمس الدين والهوية وتشويه المعالم، كما يقول مسلمو المدينة.

مركز ورمز

ولمسجد يفباتوريا مكانة خاصة في نفوس تتار القرم المسلمين، إذ عتبرونه رمزا "لحقبة النهضة الإسلامية" في القرم الذي كان ولاية تتبع لدولة الخلافة العثمانية في أجزائها الشمالية، وكان مركزا لإدارة شؤون الإقليم.

يقول د. أمين القاسم الباحث في تاريخ القرم إن المسجد كان مركزا لإعلان فرمانات السلطان العثماني، وفي مكتبته التي نهبت كانت تحفظ تلك الفرمانات والوثائق التي كان يرسلها السلطان للخانات (الأمراء) الذين حكموا القرم مدة ثلاثة قرون.

ويضيف أن حديقة المسجد تضم مقبرة دفن فيها ضباط مصريون شاركوا في حرب القرم إلى جانب الجيش العثماني ضد الإمبراطورية الروسية نهاية القرن التاسع عشر، كما كانت تضم متحفا احتوى على مصحف كتب في العام 1414م.

ويشير القاسم إلى أن المسجد هو الأكبر في الإقليم، ويعتبر واحدا من أبرز رموز الوجود الإسلامي فيه، خاصة وأنه الوحيد الذي بقي في المدينة من أصل 19 مسجدا دمرها السوفييت.

متحف إسلامي

ويعتبر مسلمو القرم أن المسجد بقي متحفا بعد أن عاد إلى المسلمين، ولكنه متحف يحكي لزائريه تاريخ التتار والإسلام في القرم، وجوانب من مأساة الحرمان من الدين وممارسة تعاليمه التي فرضها النظام الشيوعي.

وعنه يقول إسماعيل أميتوف (70 عاما) إن زائري مدينة يفباتوريا – وهي مدينة سياحية شهيرة في أوكرانيا – يحرصون على زيارة المسجد لجماله وضخامة بنائه، حيث يستمعون من أئمته والقائمين عليه إلى جوانب من تاريخه ومكانته، ويتأثرون بالمآسي المصطنعة التي لحقت به.

كما يحرص التتار على زيارة المسجد من حين إلى آخر كوجهة سياحية أيضا، وعلى تعليق صوره في بيوتهم، وحكاية قصة تاريخه وما تعرض له من هدم وتشويه لأبنائهم، حفاظا على تاريخهم وتعزيزا لتمسكهم بهويتهم، كما يقولون.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - الجزيرة نت

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022