"فلسطين" أرض الأجداد.. و"القِرم" موطن الأبناء... قواسم مشتركة بين البلدين

نسخة للطباعة2015.05.18

د.أمين القاسم- القرم

تحل علينا في هذه الأيام الذكرى الأليمة لنكبة فلسطين عام 1948م ، تلك الأرض المباركة التي عان شعبها العظيم وما يزال من ويلات الظلم والعدوان والتهجير.

وتترافق هذه الذكرى مع أخرى أليمة أيضا هي: التهجير القسري لشعب "تتار القرم" عام 1944م من قبل السلطات السوفيتية من وطنهم الأصلي في شبه جزيرة القرم شمال البحر الأسود إلى جبال الأورال وآسيا الوسطى.

لقد تمّ تهجير حوالي 200 ألف من شعب "تتار القرم" في 18 أيار/ مايو عام 1944م على يد الطاغية الشيوعي جوزيف ستالين، فيما هُجر حوالي 750 ألف من أهل فلسطين واحتلت أرضهم على يد عصابات الصهاينة المجرمة في عام 1948م والآن أصبحوا بالملايين، وقام المحتلَّين في كلا البلدين بالتغيير الديمغرافي الواسع وهدم المدن والقرى و تغيير ومحو الأسماء العربية والإسلامية وطمس معالمها الحضارية.

واتُخذ يوم 15 أيار/ مايو ذكراً لتلك المأساة الفلسطينية و 18 أيار/ مايو ذكرى للمأساة القرمية التترية.

ولمن لا يعلم فإن "القرم" كانت في فترة مبكرة مرشحة من قبل السوفيت لتكون وطنا بديلا لليهود عام 1928م، ثم عدل الشيوعيون عن فكرتهم بعد مقاومة كبيرة من شعب تتار القرم المسلم قضى خلال هذه المحنة عدد من شخصياته الدينية والوطنية على رأسهم رئيس الجمهورية القرمية "ولي ابراهيموف". ومسلسل التآمر على القرم وفلسطين ما يزال مستمراً حتى الآن.

جغرافياً: مساحة فلسطين الحبيبة حوالي 27 الف كم مربع تقارب مساحة القرم 26 ألف كم، ويطل كلا البلدين على بحرين، فلسطين: المتوسط والميت، والقرم: الأسود وآزوف، ويتمتع البلدان بمناخ متوسطي معتدل وأرض خصبة مباركة.

ويشغل كل من القرم وفلسطين أهمية إستراتيجية، فالقرم شبه جزيرة تقع في عمق البحر الأسود بحيث تتحكم بالملاحة فيه، وكذلك لفلسطين فهي نقطة التقاء القارات الثلاث أوروبا وآىسيا وافريقيا.

تاريخاً: كل من البلدين عريقٌ بقدمه حيث تعاقبت عليهما حضارات كبيرة كالإغريقية والرومانية والعثمانية. نعم فكلا البلدين كان خاضعا لحكم الدولة العثمانية فقد دخلت شبه جزيرة القرم تحت الحكم العثماني في القرن الخامس عشر الميلادي وفلسطين في القرن السادس عشر.

وتذكر المصادر التاريخية أن عدد من علماء القرم درّسوا في مساجد فلسطين وبعضهم تولى منصب القضاء فيها أيام الدولة العثمانية مثل: أبو البقاء الكفوي (توفي عام 1093هـ) العالم والفقيه صاحب الكتب والمصنفات والذي عاش في القدس وتولى منصب القضاء فيها، وغيره من العلماء الأفاضل.

وقد حرص الحُجاج من تتار القرم في طريقهم إلى البقاع المقدسة إلى حط الرحال في مدينة القدس وزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه وكانت محطة هامة في رحلتهم كما نقل المؤرخون.

واستقرت عدد من العائلات القرمية أيام الحكم العثماني في مدن فلسطين الغالية. في كلا البلدين حصلت مجاعة في أوائل القرن العشرين، فقد ضربت المجاعة بلاد الشام ومنها فلسطين بين أعوام 1914-1918م فيما ضربت القرم بين عامي 1921-1923م مجاعة راح ضحيتها الآلاف من كلا البلدين مع ما صاحبها من انتشارٍ للأمراض والأوبئة.

رأيتُ كباراً في السن من تتارالقرم عادوا إلى وطنهم و بيوتهم حاملين مفاتيح بيوتهم بعد غربة قسرية تزيد عن 50 عاما... وأترقب -بإذن الله- أن أرى الفصل الآخر من المسرحية.. حيث الأجداد والآباء يعودون إلى وطنهم الحبيب فلسطين وإلى مهد طفولتهم البرئية حتى يكتمل المشهد ويُسدل الستار.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022