"أوكرانيا في منتصف الطريق"... مذكرات رئيس الوزراء الأوكراني السابق أزاروف

نسخة للطباعة2015.12.29

أصدرت دار "موسكو فيش" كتاباً جديداً عن مذكّرات رئيس الوزراء الأوكراني السابق نيكولاي أزاروف، الذي كان على رأس السلطة التنفيذيّة بين عامي 2010 و2014، تحت عنوان "أوكرانيا في منتصف الطريق" مؤلّف من 512 صفحة.

يُقسم الكتاب إلى قسمين، يتناول القسم الأوّل منه حياة نيكولاي ودراسته وتجربته العمليّة في أوكرانيا وتحديداً في منطقة دانيتسك (الانفصاليّة) مكان نشأته، علماً أنّه درس في جامعة موسكو الحكوميّة في كلية الاقتصاد. ويروي في القسم الثاني وجهة نظره عن الحالة الاقتصاديّة والسياسيّة التي تقبع فيها بلاده.

إنجازات وإخفاقات:

يستعرض السياسي والاقتصادي الأوكراني في مذكرته إنجازاته خلال حياته المهنيّة والسياسيّة وكذلك المسائل التي لم يستطع تحقيقها لبلده. وتأتي كتابة هذه المذكّرات من قبل شخص كان في موقع القرار السياسي في فترة الأزمة الأوكرانية التي بدأت تظهر إلى العلن منذ عام 2010 إلى أنْ انفجرت عام 2013 يمكن أنْ يحل الكثير من الألغاز التي لا تزال مجهولة في تركيبة الأزمة الأوكرانيّة التي أفضت إلى صراع  علني بين الغرب وروسيا ودفعت بكل منهما إلى التدخّل المباشر بهذه المشكلة التي تعتبر حيويّة للأمن القومي الروسي وكذلك للأوروبي.

في الصفحة 6 يشير إلى أنّه كان يأمل أنْ تُصبِح أوكرانيا على مستوى الدول المجاورة كتشيكيا وبولونيا. ويجيب أزاروف، الذي نقل بلاده في أصعب لحظاتها خلال الصراع الجيوسياسي إلى شبه استقرار وتحسّن في الأوضاع الاقتصادية التي كانت تعصف بأوكرانيا، على أصعب الأسئلة التي كانت تَشغُلُ الحياة السياسيّة والاقتصاديّة الأوكرانيّة.

ويشرح أزاروف في كتابه من الصفحة 127 إلى 188 فترة النمو في الاقتصاد الاوكراني، حيث كان على رأس الحكومة خلال ولاية الرئيس السابق فيكتور ينكوفيتش، ويستعرض تفاصيل وأرقام تشير إلى مستوى النمو في الموازنة العامة لجهة التصدير أو الاستيراد وعن نوع الانتاج الوطني الذي كان يشير إلى الاستقرار الاقتصادي.

ففي الجدول الذي نشره أزاروف في كتابه معلومات حرفيّة عن مستوى  تطوّر المناطق الأوكرانية ومشاركتها في عملية الانتاج والنمو الاقتصادي، ويحدّد أماكن المناطق المنتجة، ويشير إلى أنّ أوكرانيا كانت تسير نحو الاستقرار والتطوّر الاقتصادي والانتاج الوطني في الفترة الممتدّة بين عامي 2010-2013.

تجربة أزاروف كنائب رئيس وزراء وفي المعارضة:

ويتطرّق الكاتب إلى تجربته كنائب رئيس مجلس الوزراء أيّام الرئيس ليونيد كوشما إذ شغل هذا المنصب في العام 2004 قبل انتهاء الفترة التي انتهت بصعود "ثوار الميدان" إلى السلطة إثر "الثورة البرتقالية" عام 2005.

وبات وقتها نيكولاي أزاروف في صفوف المعارضة التي تجسّدت في حزب الأقاليم الداعمة للرئيس فيكتور نيونكفيتش، وبالتالي استطاعت هذه المعارضة تسلّم مقاليد الحكم بعد أربع سنوات إذ لم يُكتب للثورة البرتقالية الاستمرار في السلطة بسبب الخلاف الداخلي والمشاكل الاقتصاديّة التي فَرَضَت نفسها على الحياة الأوكرانية التي كانت السبب في سقوط "ثوّار الميدان".

فالمشكلة ليست بأهداف الثورة، إنّما بالطريقة التي سلكتها حيث أضحت تُعيق تنفيذ المشاريع الاقتصادية، والتي رَفَعَت فيها شعارات ضد الحكومة. ففي الصفحة 223 من الكتاب يقول إنّ الانقلابات المستمرة في الدولة أخّرَت تنفيذ مشاريع كبيرة وأعاقت عمليّة تطوير المواصلات الأرضيّة والبحرية. 

بالجداول والأرقام: أوكرانيا تدخل في أزمة اقتصاديّة وتخرج منها

ويشير أزاروف في جدول إلى انعكاس تنفيذ المشاريع الاقتصادية منذ عام 2005 إلى العام 2009 على الاقتصاد الوطني بسبب عدم الاستقرار السياسي وعدم تحمّل القادة المسؤوليات في ظل الخلافات السياسية بين الكتل التي أدّت إلى تعطيل الحياة الاقتصادية. 

في المقابل، وفي الصفحات 226 إلى 240، يعرض آزاروف جدولاً كاملاً بالأرقام والنسب عن المشاريع التي تمّ تنفيذها بين عامي 2010 و2013 حيث كانت تلك الفترة عاملاً مساعداً في تطوير عملية النقل البري والبحري والجوي في الدولة، وعاملاً مساعداً في الاستقرار الاقتصادي والنمو القومي.

ويلفت أزاروف إلى تجربة حكومته من خلال ملف موسّع يستعرض فيه بالجداول والتواريخ الاتفاقات وأنواعها من الصفحة 255 إلى 273. ويشير إلى توقيع اتفاقات تجارية واقتصادية عدّة مع الدول المجاورة والصديقة وفق القواعد والبرتوكولات الدولية التي تفرضها التجارة الدوليّة والعلاقات الدولية الجديدة التي تساعد أوكرانيا على تطوير اقتصادها ولعب دورها التجاري العالمي.

أزمة الغاز:

ويروي الكاتب في مذكّراته في الصفحة 214 عن أزمة الغاز التي كانت سبباً أساسياً في توتّر العلاقات المباشرة مع روسيا لعدم قُدرَة أوكرانيا على وضع استراتيجية واضحة لجهة التعامل معها وباتت مشكلة سياسيّة وشخصيّة لقادتها في تعاملهم مع روسيا التي كانت تحاول أن تُجبِر أوكرانيا على التفكير الجدي بمستقبل العلاقات الاقتصادية مع روسيا في حال فتح علاقة بديلة مع الغرب. 

وتالياً فإنّ مشكلة الغاز مشكلة أمن قومي لأوكرانيا بسبب الاعتماد الوطني الكلّي على هذه المادة التي تُعتبر محرّك الحياة في أوكرانيا".

ويتوقف الكاتب في كتابه في الصفحة 255 عند مفاصل الاتفاق التجاري الذي كان يجب أن يوقّع مع أوروبا والذي أدّى إلى تفاعل الأزمة الداخلية وانهيار النظام الذي كان يقوده فيكتور ينكوفيتش.

أزمة الديون وإرهاصاتها:

ويتناول رئيس الوزراء الأوكراني في كتابه مسألة الديون الأوكرانية التي باتت تشكّل الخطر الأكبر على الدولة ومستقبلها وعلاقاتها مع الدول المجاورة والتي تهدّد أوكرانيا بأن تصبح "دولة فاشلة" في حال عجزها عن حل أزمة الديون وتسديدها بطريقة علميّة ممنهجة. 

من المسؤول؟

وفي السياق، يُحمّل أزاروف في كتابه (الصفحة 396) كل الحكومات التي تعاقبت في البلد، المسؤولية الكاملة عن عدم حل هذه الأزمة المتصاعدة والتي فشلت في حلها.

الأزمة الأخيرة:

وفي الفصل الأخير يتوقّف الكاتب أمام الأزمة الأوكرانية الأخيرة التي أوصلت البلاد إلى حائط مسدود، معتبراً أنّها لم تكن وليدة الصدفة بل هي نتيجة عدم حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعيّة والفشل في بناء الاستراتيجية الاقتصادية الصحيحة التي تحمي الدولة والشعب.

بعد فترة رئاسته للحكومة الأوكرانية في أصعب لحظاتها وتحقيقه نجاحات على مستوى الاستقرار والنمو الاقتصادي، يكتب أزاروف في الصفحات 488 إلى 504 عن خروجه من الحكومة قبل الانهيار السياسي الذي حصل لنظام الرئيس ينكوفيتيش في 12 فبراير/شباط من العام 2013، وترؤسه "جبهة الإنقاذ الأوكرانيّة" التي تُعارض الحكومة والنظام الحالي.

يُعتبر أزاروف من رجال أوكرانيا السياسيّين والاقتصاديين الذين عايشوا الحقبة السوفياتية والتغيير الديمقراطي والثورة البرتقالية والأزمة الأخيرة. ولذلك، يمكن من خلال هذا الكتاب معرفة الكثير من الأمور التي كانت سبباً أساسياً في وقوع الأزمة الأوكرانية وحالة التطرّف السائدة فيها واستخدام السلطة شعارات تدغدغ شعور المواطن الأوكراني الذي يقبع في قلب المعاناة.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

وكالات

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022