إن تغيير ثقافة الشعوب المسلمة في الإتحاد السويتي لم يقتصر على الجانب الديني واللغوي بل تعداه إلى جانب تبديل وفرض أعراف وتقاليد ومسميات جديدة، ومنها عملية الإستعاضة عن أسماء القرى والمدن وحتى أسماء البشر، وذلك من خلال عملية فرض أسماء جديدة على المواليد.
إنّ تأثير وتبني الأسماء التي أوجدتها الشيوعية في ثقافة الشعوب المسلمة القاطنة في الإتحاد السوفييتي، كان أكبر من تأثيرها في ثقافة الشعب الروسي نفسه.
فقد ضيّقت السلطات الشيوعية على الأسر المسلمة في الإتحاد السوفييتي في تسمية أطفالهم بالأسماء العربية والإسلامية التقليدية، وحتى الأسماء ذات الجذور التركية والفارسية، وغيرها، ولكن في المقابل – كما لاحظ علماء اللغات المعاصرون- شاعت الأسماء ذات الأصول اللاتينية أو الجرمانية القديمة، ومن أمثلة ذلك عند الذكور أسماء مثل: إرنست، إدغارز، رينات، فرناد أو فيرنات (من فرديناند)، أرتور، أرسين، رفائيل، إدغار، ألبرت، إدوارد، مارات، رينالد، وغيرها.
وعند الإناث نجد أسماء مثل: أديلينا، إلفيرا، إلسا، لويزا، ريغينا، إلزا، ليليا، صوفيا، سوزانا، وغيرها.
أما كيف يمكن تفسير انتشار بعض الأسماء الألمانية بين التتار المسلمين فهي كانت بحكم تواجد المسلمين بين الألمان، وخاصة في المنطقة التي سميت "جمهورية فولغا الألمانية الإشتراكية السوفيتية ذات الحكم الذاتي"، والتي ظهرت بين عامي 1923- 1941م في مقاطعة سراتوف.
كذلك أطلق المسلمون على أبنائهم أسماء سلافية روسية الأصل، تشبها ببعض الشخصيات المشهورة مثل: لاريسا، غالينا، سفتلانا، دميتري، بوريس، وغيرها.
لقد تحول التتار والشعوب المسلمة في الإتحاد السوفيتي إلى أسماء من لغات أوروبا الغربية، وأخذوا الأسماء الأكثر رنانة، والتي تتوافق نوعا ما مع التقاليد الشعبية، وتتشابه على أساس الصوت والمعنى مع بعض الأسماء التقليدية، مثل ألبرت وتعني النبيل، وروبرت وتعني مشهور، وفرديناد وتعني شجاع، وهكذا.
لقد حارب الشيوعيون الأسماء الإسلامية الأمر الذي أدى لحدوث فجوة وجب ملؤها، خاصة وأن البلاشفة حاربوا الأسماء الأرثوثوكسية التقليدية أيضا. وهنا برزت أسماء شيوعية مستحدثة جديدة أوجدها منظروا الفكر الشيوعي، ظهرت هذه الأسماء للمرة الأولى بين عامي 1923- 1924م، وأطلق عليها "الأسماء الثورية"، وقد جاءت موضة هذه الأسماء المختصرة لرموز وأحداث شيوعية وانتشرت في أربعينيات القرن العشرين.
لقد كان من أهداف سياسة ابتكار هذه الأسماء الجديدة هو إبعاد الناس وفصلهم عن عقائدهم وثقافتهم الدينية، ومن حججهم في ذلك أيضا: تطوير وتعزيز الإنتاج المشترك لمعارف الشعوب الأصلية، كذلك تقليل الفوارق بين أهل المدينة والريف، وبين شعب وآخر في الإتحاد السوفيتي حسب زعمهم.
ونلاحظ هنا أن المسلمين أطلقوا على أولادهم هذه الأسماء الجديدة، إما خوفا من السلطات الحاكمة أو إيمانا بالفكر الشيوعي، أو من باب الأمل والرغبة في حصول الطفل الجديد على مستقبل ومكانة في المجتمع الشيوعي.
وتم تكييف هذه الأسماء الجديدة في اللغة الروسية من الناحية الدلالية والصرفية، وأصبحت تدرّس الأسماء التترية الجديدة ضمن علم الأنثروبولوجيا.
ومن الأسماء الشيوعية الجديدة التي شاعت بين الشعوب المسلمة في الإتحاد السوفيتي:
ليستان: اسم يجمع بين اسمي: لينين وستالين.
ليماس: اسم نسبة إلى لينين ماركس.
مارلين، مارلينا: اسمين يجمعان بين: ماركس ولينين.
رفمير، رفميرا: وهو اسم جمع بين كلمتين رفالوتسيا، وتعني الثورة.
ميروفايا: وتعني العالمي.
لينيه: اسم مؤنث نسبة إلى لينين.
لينور، لينورا: مشتق من تعبير: "مرحا ل لينين".
إيديه: وهي كلمة تعني "فكرة: باللغة الروسية.
إليانور، إلنورا: اسم مذكر ومؤنث يجمع بين لينين وماركس.
دامير: كلمة اشتقت من تعبير "دايوش ميرافوي ريفالوتسيا" أي أعط ثورة عالمية باللغة الروسية.
زامير: كلمة اشتقت من تعبير "مع السلام" باللغة الروسية.
لينمار، لينمارا، لينارا، ليمار، ليمارا: من اسمي لينين، ماركس.
فلادلين، فيلين، فيلينا: هذه أسماء منتحلة من الإسم الأول للينين وهو: فلاديمير.
ميلْتس: اسم جمع بين: ماركس، إنجلز، لينين، ستالين.
أرلين: مختصر لجملة أرميا لينين باللغة الروسية: وتعني جيش لينين.
وبعد الحرب العالمية الثانية استمر الميل إلى استخدام الأسماء الرنانة الشيوعية، واستمر ذلك إلى منتصف الثمانينيات، وبعد ذلك بدأ الناس في العودة إلى الأسماء العربية والتركية والفارسية والتترية والأوزبكية التقليدية.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022