في قلب مدينة لفيف التاريخي، يستقلّ سعوديون عربات تجرّها خيول ويلعبون الشطرنج مع السكان، في مشهد غير مسبوق في هذه المدينة الواقعة في الغرب الأوكراني، التي يرتادها عادة أوروبيون.
وبسبب القيود الصارمة لمكافحة كوفيد المفروضة على المسافرين إلى أوروبا الغربية، يختار السياح من دول الخليج خصوصاً من السعودية، هذا العام أوكرانيا التي يتدفقون إليها منذ حزيران/يونيو.
قبل الأزمة، كانت أسمى، وهي سعودية تبلغ 32 عاما، تزور بشكل منتظم القارة العجوز مع زوجها ونجليهما.
هذا الصيف وللمرة الأولى، اكتشفت العائلة لفيف والعاصمة كييف. وتقول أسمى من أمام دار الأوبرا في لفيف: "الطعام والمقاهي (...) كل شيء هنا رائع".
يمثل تدفق الزوّار العرب الذين يستقطبهم نظام إعفاء من التأشيرة تمّ تبنيه عام 2020 ورحلات مباشرة منخفضة التكلفة، فرصةً لانتعاش القطاع السياحي الأوكراني بعدما شهد فترة سيئة جداً بسبب أزمة الوباء.
يؤكد المرشد السياحي بوغدان غيتس أنه "علينا اغتنام هذه الفرصة". تنقل وكالته "تشودو تور" سياحاً على متن قطار صغير في الشوارع المرصوفة في مدينة لفيف المعروفة بهندستها المعمارية التي تجمع بين أنماط عصر النهضة والكلاسيكي والفنّ الحديث.
ارتفاع بنسبة 3900%
في الفصل الأول من 2021، بلغ عدد السياح السعوديين الذي زاروا أوكرانيا 14 ألف شخص مقابل 350 شخص قبل عام، بحسب الوكالة الأوكرانية للسياحة، أي أن العدد ارتفع بنسبة 3900%.
حتى مؤخراً، كان يرتاد مدينة لفيف وهي إحدى الوجهات السياحية الرئيسية في البلاد، بولنديون وبيلاروسيون وأتراك وألمان وبريطانيون.
بعدما جال في أوروبا والولايات المتحدة، اختار حسن وهو رجل أعمال سعودي يبلغ 64 عاماً، هذه المرة أوكرانيا بناء على توصيات أصدقاء له. ويقول إنه سعيد جدا لمكوثه حوالي شهر في البلد حيث يسهل السفر.
يعتبر حسن أنه خلافاً للدول الغربية "المتعالية دائماً" حيال مواطني الخليج، تبدو أوكرانيا الجمهورية السوفياتية السابقة "أكثر نشاطا وحيوية" ويعبّر عن إعجابه بالقيم "العائلية" التي يتمتع بها الأوكرانيون.
ويضيف أثناء جلوسه في الباحة الخارجية لأحد مقاهي كييف مع زوجته التي ترتدي الحجاب، "سنعود إلى هنا بالطبع مع ابنتنا وابننا".
بحسب آنا نايدا المسؤولة عن سلسلة مقاهي "كريدينز كافيه" في لفيف، فإن وصول السياح العرب فاجأ المطاعم التي اضطرّت إلى التأقلم بسرعة.
بعدما تجاوزت الصدمة الأولى، طبعت سلسلة المقاهي لوائح طعام باللغة العربية ومن أجل احترام تعاليم الدين الإسلامي، استبدلت لحم الخنزير بالدجاج في وجباتها. وتضيف نايدا "ليس لدينا مشروبات كحولية على قوائم الطعام، هذه ميزتنا".
وعلّقت محلات بيع التذكارات أيضاً لافتات باللغة العربية. وتشير آنا نايدا إلى أن ذلك يشكل "دفعة نحو التغيير".
"كأنها الجنة"
توضح خريستينا كاغوي من مجموعة فنادق "ريكارتز" في لفيف أن هؤلاء السياح القادمين من بلدان ذات مناخ جاف جداً، يقدّرون بشكل خاص الأشجار والأمطار في أوكرانيا. وتؤكد أن "الغرف المطلة حتى لو قليلاً، على أشجار أو حديقة، مطلوبة جداً".
ويلفت المرشد السياحي بوغدان غيتس إلى أنه لم يرَ يوما أشخاصا سعداء إلى هذه الدرجة بكونهم تحت المطر. ويتابع "يقولون إنهم جاءوا إلى لفيف عن قصد، لا يهتمون إلا لذلك".
ترى الشابة السعودية أسمى أن قطرات المطر "ساحرة". وقالت "كأنها الجنة"، مؤكدة أنها ستعود إلى أوكرانيا كل عام.
بحسب وسائل إعلام محلية، فإن هذه الشعبية قد تتراجع عندما تُرفع القيود في دول أوروبا الغربية. والانتعاش الشامل للقطاع لا يزال بطيئاً في المجمل، رغم هذه الموجة السياحية الجديدة.
وانخفض عدد السياح الأجانب في أوكرانيا بـ4,5 مرات في 2020 على مدى عام. ولم يرتفع سوى بنسبة 9% في الفصل الأول من العام 2021 مقارنة بالأشهر الستة السابقة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
فرنسا 24
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022