زيارة نتنياهو إلى أوكرانيا… بين الأهداف المعلنة والمآرب الحقيقية

نسخة للطباعة2019.08.20

للمرة الأولى منذ 20 عاما يزور رئيس الحكومة في دولة الاحتلال أوكرانيا، وهذه المرة يفعلها نتنياهو في مهمة دبلوماسية، كما جاء في هدفها الرسمي المعلن، لكن عينيه على صناديق الاقتراع في ظل المعركة على أصوات المهاجرين الجدد من دول الاتحاد السوفييتي سابقا.

والتقى نتنياهو في العاصمة الأوكرانية كييف أمس الرئيس الأوكراني ، من أجل توقيع عدة اتفاقات تعاون، ومن ثم زار النصب التذكاري العسكري في بابي يار. غير أن البرنامج السياسي للزيارة الرسمية ليس سوى واجهة للتغطية على الهدف الحقيقي لها كما يؤكد عدد كبير من المراقبين المحليين.

ويشير هؤلاء إلى أن حالة التعادل داخل الحلبة الانتخابية الإسرائيلية التي تهدد حظوظ نتنياهو ورغبته باجتذاب أصوات المهاجرين الجدد من أوكرانيا للتصويت لحزبه «الليكود» بدلا من التصويت التقليدي لـ «يسرائيل بيتنا»، حزب خصمه السياسي أفيغدور ليبرمان، وهو بالأصل مهاجر من أوكرانيا ويحصل حزبه عادة على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين الروس والأوكرانيين سابقا.

ويأمل قادة الحملة الانتخابية الخاصة بـ «الليكود» أن تؤتي هذه الزيارة التي تحظى بتغطية واسعة من قبل وسائل إعلام روسية وأوكرانية ثمارا سياسية.

يشار الى أن نتنياهو زار أوكرانيا عام 1999 ولكن وقتها لم تسعفه محاولة استثمار منصبه الرئاسي انتخابيا حيث هزم في منافسة مع إيهود باراك. وهذه المرة يأمل قادة الحملة الانتخابية في «الليكود» أن ينجح نتنياهو بقضم قوة حزب ليبرمان الذي بقي حتى الآن محتفظا بقوته البالغة عشرة مقاعد وفق كل استطلاعات الرأي.

وستشمل الزيارة توقيع اتفاقيات رسميّة في مجالات الزراعة والسياحة والتعليم ورواتب المتقاعدين الذين هاجروا إلى إسرائيل، ويبلغ عددهم اليوم 400-300 ألف نسمة، ومن المتوقع أن يستفيد عشرات الآلاف منهم من اتفاق صناديق التقاعد. ومن الأهداف الأخرى للزيارة محاولة نتنياهو إقناع الرئيس الأوكراني الجديد نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة من تل أبيب، لكن مراقبين كثيرين يستبعدون ذلك بسبب علاقتها الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي المعارض لمثل هذه الخطوة التي تتطلع للانضمام له.

وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن رجال أعمال يهودا ينشطون في أوكرانيا يمارسون ضغوطا كبيرة من وراء الكواليس على الرئيس الأوكراني كي يستجيب لطلب نتنياهو.

وأشارت الصحيفة الى حادثة مربكة خلال الزيارة عندما انفجرت سارة نتنياهو زوجة رئيس حكومة الاحتلال على ربان الطائرة لاستنكافه عن تحيتها بواسطة جهاز مكبر الصوت داخل الطائرة فور دخولها وزوجها. وقالت الصحيفة إن سارة نتنياهو نهضت من مقعدها وحاولت دخول غرفة الطيار وهي بحالة غضب وانفعال، لكن المرافقين لنتنياهو حالوا دون تقدمها، وبعد ذلك سارع الطيار لتوجيه التحية لها مرتين متمنيا زيارة موفقة ونجاحا لزوجة نتنياهو، وهذا ما نفاه ديوانه متهما وسائل الإعلام بنشر أنباء مشوهة كيدية، منوها لوقوع «سوء فهم» تمت تسويته وتمت الرحلة على ما يرام.

يشار الى أنه منذ انفجار الخلاف بين حزبي الليكود و»يسرائيل بيتينا»، برئاسة ليبرمان، في أيار/ مايو الماضي، وحلّ الكنيست، استثمر الليكود كثيرًا في المعركة الانتخابيّة الحاليّة عند المهاجرين الروس، فأنشأ الليكود مقرًا للمهاجرين القادمين من دول الاتحاد السوفييتي سابقًا، وضمّ إلى صفوفه أسماء معروفة عندهم، بالإضافة إلى فتح مقار في المدن ذات الأغلبية الناطقة بالروسيّة، مثل أشدود ونتانيا.

وترتكز حملة الليكود في أوساط المهاجرين الروس على مهاجمة ليبرمان، واتهامه بمحاباة قائمة «أزرق – أبيض». وحسب كل التقديرات والمؤشرات يسعى ليبرمان لإفشال نتنياهو في مهمة تشكيل الحكومة كما فعل بعد انتخابات الكنيست في نيسان/ أبريل الماضي، وهناك توقعات بأن يتحالف مع «أزرق – أبيض» أو يشجع «انقلابا» على نتنياهو داخل الليكود. رسميا يزعم ليبرمان في تصريحاته في الفترة الحالية أنه يؤيد حكومة وحدة وطنية.

ومنذ بدء هجرة اليهود الروس الكبرى إلى إسرائيل، غداة انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1989، تحول هؤلاء المهاجرون إلى عامل حاسم في نتائج انتخابات الكنيست حتى أن «الصوت الروسي» كسر التعادل الذي كان قائما في ثمانينيات القرن الماضي لمصلحة اليمين، إذ بلغ عددهم وقتها نحو مليون مهاجر تقريبا.

وقال المحاضر في العلوم الاجتماعية البروفيسور ماجد الحاج، لـ «القدس العربي» إن المهاجرين الروس بأغلبيتهم الساحقة علمانيون وبعضهم ليسوا يهودا لكنهم يسجلون مواقف سياسية متطرفة وداعمة لأحزاب اليمين، مرجحا أنهم يرغبون بإثبات ولائهم لإسرائيل من خلال ذلك ومن خلال  مزايدات ومناصبة الفلسطينيين العداء. منوها إلى استمرار المهاجرين من الاتحاد السوفييتي سابقا بإدارة حياتهم بشكل انفصالي كأقلية عرقية مختلفة تحتفظ بلغتها وثقافتها وهويتها وعدم الاندماج الكامل مع الإسرائيليين.

وأشار ديمتري جندلمان، وهو صاحب مكتب دعاية معروف في أوساط المهاجرين الروس، إلى أن «الوزن الانتخابي للمهاجرين الناطقين بالروسية يصل إلى 18 عضو كنيست، وأن قسما كبيرا منهم يصوت لأحزاب اليمين، وهذا ما تؤكده الاستطلاعات في السنوات الأربع الماضية.

يشار إلى أن نسبة التصويت لدى المهاجرين الروس منخفضة قياسا للنسبة العامة (72%) إذ لم تتجاوز 61% في الانتخابات الماضية.

وكان نتنياهو قد تطرق للانتقادات الموجهة لحكومته من قبل المستوطنين في منطقة «غلاف غزة» لعدم رده الشديد على حماس بعد إطلاق عدة صواريخ على المستوطنات. وقُبيل مغادرته إلى أوكرانيا  قال نتنياهو «يقول البعض إنني أتجنب القيام بعملية عسكرية واسعة بسبب الاعتبارات المتعلقة بالانتخابات، إذا لزم الأمر سنشرع في حملة واسعة بالانتخابات أو بدونها». وأضاف نتنياهو: «كل من يعرفني يعرف أهمية اعتباراتي، ومقدار واقعيّتها، كما أنني أعمل بالتعاون الكامل مع قوات الأمن بحزم وحُسن تقدير». وخلص للقول «ما هو ضروري لأمن إسرائيل.. حماس تعرف قدرتنا على الرد «. وردا على انتقادات تتعلق بمنع عضوي الكونغرس الأمريكي، إلهان عمر ورشيدة طليب من زيارة البلاد قال نتنياهو: «نحن نحترم جميع أعضاء الكونغرس، ونسمح بالدخول المنتظم والتلقائي لجميع أعضاء الكونغرس، ديمقراطيين وجمهوريين  منذ أسبوع واحد فقط، قابلت العشرات من الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس».

القدس العربي

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022