بعيون أوكرانية.. جبهة ترامب التركية

نسخة للطباعة2018.08.22

تحت هذا العنوان كتب رئيس الأكاديمية الدبلوماسية في أوكرانيا والسفير السابق لأوكرانيا في تركيا – سيرهي كورسونسكي، مقالا مطولا في صحيفة "سيفودنيا" (اليوم) قام بترجمته إلى اللغة العربية وكالة "أوكرانيا برس" تطرق فيه إلى الصراع الدائر حاليا بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا. واهم ما جاء فيه.

إن الخلاف الأمريكي التركي جاء في وقت اعلنت فيه واشنطن عقوبات جديدة ضد روسيا والتي تزامنت أيضا مع عقوبات مماثلة على وزيرين في الحكومة التركية، وفي وقت تشهد فيه العلاقات التركية الروسية تقاربا تاريخيا، فأنقرة ستستلم قريبا منظومة صواريخ "أس 400" وارتفع عدد السياح الروس إلى تركيا ليزيد عن ستة ملايين سائح، وتطور للعلاقات الاقتصادية خاصة في مجال الطاقة.

موسكو كما تركيا تعتبر الإجراءات الأمريكية الأخيرة " إعلان حرب اقتصادية" ، وفي هذا الإطار يؤكد الكاتب أن هذه الأحداث يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على مصالح أوكرانيا التي عليها أن تفهم عمق هذه الأزمة.

الكاتب يشير إلى أن العلاقات التركية الأمريكية عامل مهم في السياسة الدولية، وخاصة في قضايا الأمن ومكافحة الارهاب ، كما تُعتبر تركيا في نظر الغرب مثالاً لدولة ديمقراطية متحضرة يدين فيها السكان بالإسلام ، في مقابل العقيدة الإسلامية المتشددة في بلدان الشرق الأوسط. وإلى جانب ذلك تسيطر تركيا على مضيق البوسفور وتمتلك ثاني أكبر جيش في حلف الناتو كما تحدها العراق وإيران وسوريا التي تتركز فيها المصالح الامريكية.

الكاتب أشار أيضا إلى "الخلفيات التاريخية للصراع الأمريكي التركي والذي ظهر جليا في بداية العام 2000عندما رفضت تركيا استخدام واشنطن لقاعدة انجرليك الجوية في جنوب شرق البلاد في عملية غزو العراق، مما عقد كثيرا مهمة القوات الجوية الأمريكية وحلفائها، بالطبع خرج البنتاغون من الوضع ، لكنه لم ينسى ذلك الرفض من جانب تركيا".

وعلى الرغم من أن العلاقات بين الحلفاء في الناتو منذ ذلك الحين نادرا ما خلت من التوتر ، لكن الخلافات كانت تحل على وجه العموم. ومع ذلك ، فقد كان العقد الأخير ، وخاصة العامين الماضيين فترة لتدهور حاد في العلاقات الأمريكية التركية، وكان هناك العديد من الأسباب.

كان مؤلما لتركيا انتقادات واشنطن في سياق حقوق الإنسان وحرية التعبير ، وكان رد فعلها سلبيًا جدًا على التصرفات الأمريكية في سوريا. فيما احداث 15 يوليو 2016 ومحاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان منعرجا آخر لتلك العلاقة.

الكاتب يرى أن زعزعة الاستقرار في تركيا قد تكون له آثار أخرى غير مرغوب فيها لدول الاتحاد الأوروبي، ومنها زيادة تدفق اللاجئين، فضلا عن تدهور الحوار الثنائي بين تركيا والاتحاد الأوروبي حيث يجريان مفاوضات بشأن العضوية منذ عام 2005.

إن الانخفاض السريع لقيمة الليرة عامل سلبي ليس فقط بالنسبة للنظام المالي ، بل يعكس انخفاضاً حاداً في ثقة المستثمرين والدائنين في السياسة الاقتصادية لأردوغان، فمنذ انتخابه رئيساً في يونيو من هذا العام ، هو

رئيس السلطة التنفيذية ، وهو مسؤول شخصياً عن حالة الاقتصاد، إضافة إلى ذلك يقود وزارة المالية صهر أردوغان.

توجه أردوغان إلى روسيا لم يكن مفاجأة يقول الكاتب "في ظل تنامي العلاقة بين البلدين إلى مستوى كبير ، اقتصاديا وسياسيا، و العداء لأمريكا في تركيا بلغ مستوى غير مسبوق كما أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي هي الآن في أدنى مستوياتها منذ عقد ، و سيكون من الظلم لوم تركيا فقط على هذا التدهور، فقد فشلت بروكسل في الاستجابة بشكل كاف للأزمة السورية وكانت لا تقبل المساومة على قضايا مثل منح نظام التأشيرة الحرة لتركيا ، ومراجعة آليات التجارة (خيارهم الحالي هو أكثر فائدة للاتحاد الأوروبي من تركيا) ، وافتتاح فصول جديدة للتفاوض (تم حظرها من قبل قبرص)، وأعلنت عدد من الدول الأوروبية ذات النفوذ صراحة استحالة عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي".

وهكذا اتضح أن من بين جميع الحلفاء العالميين لتركيا في هذه المرحلة ، الأقرب هو روسيا. وفي الواقع ، إن تركيا مستعدة للبحث عن بدائل للعلاقات مع الولايات المتحدة واعلنها أردوغان صراحة في مقال نشر يوم السبت في صحيفة نيويورك تايمز، و قدّم إنذارا نهائيا إلى ترامب ، مطالبا برفع العقوبات.

الكاتب يقول "إن الأحداث حول تركيا يمكن أن تصبح تحديًا جديدًا بالنسبة لأوكرانيا بعد الأزمة الإيرانية، فتركيا تعتبر شريك استراتيجي لأوكرانيا والتعاون معه بالغ الأهمية من وجهة نظر الاقتصاد والأمن ودعم السلامة الإقليمية. ومع ذلك ، تلعب الولايات المتحدة دوراً أكثر أهمية في حل الأزمة في أوكرانيا".

"في العالم الذي بناه ترامب تركيا تقف اليوم إلى جانب روسيا وإيران ومنظمة شنغهاي ، وتعلن صراحة إمكانية كسر علاقة مع الولايات المتحدة دامت منذ أكثر من 60 عامًا" يضيف الكاتب.

الكاتب يختم بالقول "إن زعزعة استقرار تركيا تُلعب في يد موسكو ، ومن السهل التنبؤ بالنصائح التي تقدمها موسكو الآن لأنقرة" ويكفي التذكير بزيارة "المستشار الخاص للرئيس بوتين" ألكسندر دوغين إلى تركيا قبل يوم واحد من الانقلاب الفاشل في 15 يوليو 2016.وقيل إن بوتين في ذلك الوقت كان أول من قدم دعمًا كبيرًا للسلطات المنتخبة قانونًا. ومع ذلك ، لم يشرح أحد ماهية هذا الدعم.

"التاريخ ، كما تعلمون ، يتكرر مرتين - مرة في شكل مأساة ، مرة في شكل مهزلة".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022